من يوميات ابن زريق - محمد ياسين

لا تعذليهِ فإنّ العذلَ يولعُهً
* ( ابن زريق البغدادي )
أُحبّكِ ...
بيد أنّي .. لستُ أملكُ من حطام العمر
غير قصيدتي ... وشتاتِ أمري
وانطفاءِ البيلسانِ على حدودي
ضاق وجهُ الأرض من سغبٍ
فهمتُ بنائياتِ البيدِ أبحثُ عن وجودي
خلف أسوار المعاني
في كهوف الأُمنياتِ
مُخَلِّفاً قمراً
تشبث بي
سأرحلُ كارهاً
لأجيءَ بالفجر المعتَّقِ
من غيابات البعيدِ الى غدي
ما نلتُ من بلح العراقِ سوى النّوى
أدمتنيَ الكبواتُ ... تتلوها خساراتي
طريداً بتُّ في بلدي
طريد الجّوعِ والخذلانِ والكمدِ
2
سأرحلُ يا حبيبةُ
إذ يقالُ بأنَّ خلف التَّلِّ أرضاً
قالَ لي عنها طريدٌ من بلادي
تنبتُ الأحلامُ فيها
سوف أقطفُ ما استطعتُ من الأغاني
ثمّ أرجعُ بعد حولٍ بالمنى
فهناكَ تنتظرُ البدايةُ أن أمُرَّ ببابِها
لتردَّ لي ما ضاعَ من وهَجٍ هنا
لا شيء لي !!
لا ظلَّ لي أبداً هنا إلاكِ
فانتظري
3
غريبٌ في بلاد اللهِ
لم أعثر على حلمٍ أطيرُ به إلى بغداد
جاوزني الهديلُ
ورنَّ في سمعي الصّدى
لا درب لي إلاّ الإيابُ
تشدُّني الذّكرى لملكٍ لم أصنهُ
كأنّما بيني وبين مليكتي حُجُبٌ
رهين الخيبةِ السّوداءِ
في ركنٍ .. تصارعهُ رياحُ البؤسِ
ألمحُ حظِّيَ المشؤومَ يذوي لاهثاً
بزجاجةِ القنديلِ ... من خلل السّناجِ
معلّقاً في السّقفِ يومضُ لي
وأفتحُ بالأسى كفّيَّ
تربضُ فيهما الأصفارُ ... تهزأُ بي
وحقائبي في البابِ فارغةٌ
4
وحيداً في ارتعاش الليلِ
والأوصابُ تفجئُني
وتوصِدُ دربَ عودتيَ الذي أرجأتُهُ زمناً
سأبقى ها هنا ...
وقصيدتي طيرٌ
لبيتٍ من بيوت الكرخِ أُزجلُهُ
سترتحلُ القصيدةُ
من دمي سفراً يُؤَطَّرُ بالنّدامةِ
فاقرأيها يا حبيبةُ واندبي
من جاء من بلد الشّقاءِ الى الهباءِ
ولم ينَلْ غير المنيّةِ
واطلبي عذراً لهُ ... لا تعذليهِ
فقد دنت بعد اغترابٍ روحُهُ
ستظلُّ ما بقي الزّمانُ قصيدةً
ظمأى ....
إلى عينيكِ تعتذر