على طريق الآلام - جريس دبيات

رأيتهُ
يحاول الدخول فوق جحشه الهزيلْ
يجادل الجنود خلف حاجز ٍ
قضبانه ليست من النخيلْ
ويسألونه عن اسمه ، جوازِه ،
عن شارة قد تثبت ادعاءهُ
أو تعرض الدليلْ ،
يقول : " إنه الخلاص ُ " ،
والمسيح في كتابهمْ
مسلسل طويلْ
***
يصدّه الجنود
يضحكون مِلْءَ افقهمْ
وتصمت السماءْ
يُلحّ بالرجاء ، أسكتوه ،
ما لدى اعصابهم أن تسمع الرجاءْ
واسقطوهُ ، هشّموهُ ،
كيف يجرؤ " الدعيُّ " ان يعاود السؤال َ
دون ما حياءْ ؟
***
يلملم الطريح ذيل ثوبِه ِ
وتغسل الترابَ عن شفاهه الدموعْ :
" اياك يا يسوعْ !
يا من وقفت ذات مرة تخاطب الجموعْ
تقول : طوبى للرحيم إن طغت
في ظلمها الأنامْ
يرّد كيد كارهيه بالسلامْ
ويعرض الخدّين للّذي يريدُ
ان ينال منهما ،
لا يعرف الخصامْ "
* * *
ويمتطي يسوع جحشهُ
تحمرّ وجنتانْ
يدان ترجفانْ
وفجأة يُصرّ أن يُعيد للاباء ِ
وجهه المُهانْ
يجوز حاجز ٍ الطغاة ِ
نحو حبّه القديم ِ
زهرة المكان والزمانْ
يلاحق الرصاص متنَهُ
يزّفه الى عروسه التي يحبُّ
ان يموت في عناقها
هناك في أمانْ
شهيدَها يموتُ ،
لا الوعيد قادرٌ
ان يحرم الحبيب من حبيبه ِ
ولا لظى الشيطانْ
***
ينسّل صبّها الطريد في المساء ِ
نازف الجراحْ
لا الليل ليلها الجميلُ
لا بشائرٌ تشير للصباحْ
لا حسّ إلا ما يبثُّهُ
مؤذّن حزينْ
والجرس المبحوح بين شهقة الرنين ِ
والرنينْ
ما عادت السماء فوقها
تلين للنواحْ
ولا أخ تثير فيه نخوةً
وشائج الحنين والأنينْ
***
يراجع الغريب في صباحها الكئيب ِ
دربه الأخيرْ
لعله يرى هناك بعض أهله ِ
او يلتقي النصيرْ
يخرّ في عيائه تجتاحه الآلامُ
من جديدْ
ويرتوي من جرحه القريب ِ
جرحه البعيدْ
يخرّ في طريقها الطويلْ
يمتدّ في تاريخها المليء بالعويلْ
لا من تنوح فوق وجهه النحيلْ
وليس من يلقاه
غيرَ ما في الدرب من حجارة السبيلْ
ويصعد الشهيد للشهيدْ
وتلتقي الآلام في دروبها
الى غد لا بدّ أن يريحها
من طعمها المريرْ