محاولة في الكتابة - أديب كمال الدين

(1)
كتب الشاعرُ عنوان قصيدته
كان متعباً كرأسٍ مقطوع
ووحيداً كصحراء سقطتْ في البحر
وموحشاً كقبرٍ ينتظر جثةً سرقها اللصوص
وإذ حاول كتابةَ قصيدته
حاصره الرأس
وطوّقته الصحراء
وسخرتْ منه الجثة ُوالقبر
وألقى اللصوصُ القبضَ عليه فرحين مسرورين.
(2)
الزمن غبار
واليوم قش
والساعة رماد.
وإذ أمسكَ الشاعر
بغين الغبار وقاف القش وراء الرماد
تحوّل إلى حرفٍ لا نقطة فيه
لا بهجة ولا نار.
(3)
بحثتُ عن طفولتي في أغنية قديمة
بحثتُ عنها في نخيل بابل والعراق
وسألتُ عنها ليل الحلة
فلم أجدها إلاّ في كفّ طفل شحّاذ
يجلس قرب الجسرالعتيق
ويمدّ يديه للعابرين الساهمين
يضحكُ تارةً، يبكي أو ينام.
(4)
كتب الشاعرُ مرثيته
بحثَ عن مستمعٍ لها لم يجد
إلاّ الفرات
الذي سمعها وقبـّلها
وأخفاها في قلبه: وسط الطين والسمك.
(5)
المرأة في المرآة
والمرآة في الحمّام
والحمّامُ في الطبل
والطبلُ في الدينار
والدينارُ في الفقر
والفقرُ صديقي
والفقرُ أحبّتي، أهلي
شعبي وشمسي.
(6)
كتب الشاعرُ عنوانَ أحزانه
وصندوق بريده المفلس حدّ الموت
ورقم هاتف أوجاعه
وأرسله إلى المجلات الأنيقة والصحف
فتبارت المجلاتُ في نشر تلك القصائد
وملأتها بالألوان البهيجة
ونسيتْ أن تردّ
على صندوق البريد المفلس
وعلى هاتف الأوجاع العظيم.