مع مروج - فدوى طوقان
هذي فتاتك يا مروج ، فهل عرفت صدى خطاها
                                                                    عادت اليك مع الربيع الحلو يا مثوى صباها
                                                                    عادت اليك ولا رفيق على الدروب سوى رؤاها
                                                                    كالأمس ، كالغد ، ثرة الأشواق . . مشبوبا هواها
                                                                    هي يا مروج السفح مثلك ، إنها بنت الجبال
                                                                    درجت على سفح الخضير ، على المنابع والظلال
                                                                    روحا تفتح للطبيعة ، للطلاقة ، للجمال !
                                                                    *
                                                                    روحا شفيفاً رفقته لطافة الجو النضير
                                                                    روحا رهيف الحس ، متقد العواطف والشعور
                                                                    يهوى الجمال ، يعب لا يروى ، من الفيض الكبير
                                                                    *
                                                                    قد جئت ، ها انا ، فافتحي القلب الرحيب وعانقيني
                                                                    قد جئت أسند ههنا رأسي الى الصدر الحنون
                                                                    فهنا بحضنك أستريح ، أغيب ، أغرف في حنيني
                                                                    *
                                                                    وهنا ، هنا في جوُك المسحور ، جو الشاعريَة
                                                                    كم رحت أستوحي الصفاء رؤى خيالاتي النقيَة
                                                                    فتضمَني في نعمة الإلهام أجنحة خفيَة
                                                                    *
                                                                    كم رحت أرقب في انجذابي طلعة القمر الرهيف
                                                                    متوحَداً ، تلقي الغيوم عليه هفهاف السجوفِ
                                                                    أحلامه الفضية انتشرت على الأفق الشفيف
                                                                    *
                                                                    بيضاً ، كأحلامي ، نقيَاتٍ مجنحة الطيوف
                                                                    كم رفَ قلبي يا مروج لكوكب الراعي الخفوقِ
                                                                    سبق النجوم الى الطلوع وراح في الأفق السحيق
                                                                    يصغي ، كما تصغين أنت معي ، الى الصمت العميق
                                                                    ونذوب مندمجين ، متحدين بالكون الطليق !
                                                                    *
                                                                    أوَاه ، لو أفنى هنا في السفح ، في السفح المديد . .
                                                                    في العشب ، في تلك الصخور البيض ، في الشفق البعيد.
                                                                    في كوكب الراعي يشعُ هناك ، في القمر الوحيد . .
                                                                    أواه ، لو أفنى ، كما أشتاق ، في كل الوجود !.
                                                                    *
                                                                    أوَاه ، لو أفنى هنا في السفح ، في السفح المديد . .
                                                                    في العشب ، في تلك الصخور البيض ، في الشفق البعيد.
                                                                    في كوكب الراعي يشعُ هناك ، في القمر الوحيد . .
                                                                    أواه ، لو أفنى ، كما أشتاق ، في كل الوجود !.