عشتار .. والمطر الأخضر - لطفي زغلول
كَيْفَ أُنَاجِيكِ .. بِأَيَّةِ لُغَةٍ ..
                                                                    أَرْوِي تَغْرِيبَةَ شِعْرِي
                                                                    أَخْشَى أَنْ تَسْرِقَ مِنْ سِرَّي ..
                                                                    يَوْمَاً سِرِّي ..
                                                                    نَجْمَاتٌ تَرْصُدُنِي .. تَتَرَبَّصُ بِي
                                                                    وَتَبُوحُ بِهِ فِي نَزْوَةِ شَبَقٍ لِلأَقْمِارْ
                                                                    أَخْشَى أَنْ أَصْحُو فِي عَيْنَيْكِ ..
                                                                    وَقَدْ أَصْبَحْتُ غَرِيبَ الدَّارْ
                                                                    آهٍ عَشْتَارْ ..
                                                                    أَنَا تَارِيخٌ حَطَّ التَّارِيخُ ..
                                                                    رِحَالَ قَوَافِلِهِ فِي بَاحَةِ أيَّامِي
                                                                    وَغَدَاةَ ارْتَاحَ زَمَانَاً ..
                                                                    شَدَّ حَقَائِبَهُ
                                                                    وَبَقِيتُ وَحِيدَاً أَجْتَرُّ الذِكْرَى
                                                                    أَتَدَثَّرُ دِفْءَ عَبَاءَتِِها
                                                                    شِعْرَا
                                                                    آهٍ عَشْتَارْ
                                                                    أَنَا طَيْرٌ .. لَم أَتْبَعْ سِرْبِي
                                                                    لَمْ أَتَرَجَّلْ عَنْ صَهْوَةِ كِبْرٍ
                                                                    سَافَرَ بِي .. ظَلّلَ بِغَمَامَتِهِ دَرْبِي
                                                                    مَنْ غَيْرُكِ أَنْتِ يُلَوِّنُ أَوْجَ خَيَالاتِي
                                                                    بِصَلاةٍ تُوقِظُ أَوْتَارِي
                                                                    وَتَسُوقُ إلَى مِحْرَابِي ..
                                                                    المَطَرَ الأَخْضَرَ مِدْرَارَا
                                                                    مَنْ غَيْرُكِ تَغْتَسِلُ الرَّعْشَاتُ بِصَبْوَتِهَا
                                                                    فَتُصَلِّي سِرَّاً وَجِهَارَا
                                                                    مَنْ غَيْرُكِ أَتْلُو الشِعْرَ لَهَا
                                                                    كَيْ تُشْعِلَ فِي شِعْرِي النَّارَا
                                                                    لا تَرْتَحِلِي .. الليلَة شِعْرٌ ..
                                                                    وَغَدَاً شِعْرٌ يَا عَشْتَارْ
                                                                    لَنْ أَصْحُو مِنْ سَكْرَةِ قَلَمِي
                                                                    الشِّعْرُ شِرَاعٌ يُبْحِرُ فِي أَنْوَاءِ دَمِي
                                                                    لا تَرْتَحِلِي
                                                                    مَازَالَ صَهِيلُ كُؤُوسِ الشِعْرِ يُطَارِدُنِي
                                                                    يُدْنِينِي السَّاقِي مِنْهُ ..
                                                                    وَيَرْجِعُ عِنْدَ الصَّحْوِ يُبَاعِدُنِي
                                                                    وَسِيَاطُ قَوَافِيهِ تَزْحَفُ تَتْرَى نَحْوِي
                                                                    تُلْهِبُ صَحْوِي .. حِمَمَاً مِنْ نَارْ
                                                                    لا تَرْتَحِلِي
                                                                    أَغْلَقْتُ عَلى ذَاتِي .. ذَاتِي
                                                                    هَيَّأتُ لِهَوْدَجِكِ الأَزَلِيِّ مَدَارَاتِي
                                                                    وَوَقَفْتُ عَلى شُطْآنِ بِحَارِي أَزْمَانَاً
                                                                    أَرْنُو مِن نَافِذَةِ الكَلِمَاتِ ..
                                                                    أُجَدِّفُ شَطْرَكِ لَيْلَ نَهَارْ
                                                                    فِي كُلِّ مَسَارْ
                                                                    يَحْمِلُنِي فَوْقَ جَنَاحَيْهِ نَبْضُ حُرُوفِي
                                                                    يَرْمِينِي بَيْنَ يَدَيْكِ ..
                                                                    أُصَلِّي .. عَلِّي أَفْرُشُ مِحْرَابِي
                                                                    بِرُؤى خَضْرَاءَ ..
                                                                    تُضِيءُ ظلام فَضَاءاتِي
                                                                    آهٍ عَشْتَارْ
                                                                    لَوْأَنِّي لَمْ أَقْرَأْ فِي لُجَّةِ عَيْنَْيكِ ..
                                                                    الأَلَقَ بُحُورَا
                                                                    لَوْ أَنِّي لَمْ أُبْحِرْ فِي تَارِيخِكِ ..
                                                                    أَزْمَانَاً وَعُصُورَا
                                                                    لَوْ أَنِّي لَمْ أَنْزِلْ فِي أَحْضَانِكِ ضَيْفَاً
                                                                    لَوْ أَنَّكِ لَمْ تَلِدِي عِشْقِي
                                                                    لَرَسَمْتُكِ فِي أَوْجِ فَضَائِي ..
                                                                    غَيْمَةَ عِشْقٍ ..
                                                                    تُغْرِقُنِي بِالمَطَرِ الأَخْضَرْ
                                                                    وَأَضَأتُكِ فِي مِحْرَابِ جُنُونِي قِنْدِيلاً
                                                                    يَزْرَعُ لَيْلاتِي أقْمَارَاً
                                                                    بِوِشَاحِ رُؤاهَا أَتَدَثَّرْ
                                                                    لَوْ لَمْ تَنْحَتْكِ رُؤىً ..
                                                                    ثَمِلَتْ لَيْلَةَ عِشْقٍ
                                                                    لَنَحَتُّكِ مِنْ شَبَقِ حُرُوفِي
                                                                    أَلَقَاً عَبَقَاً .. نَارَاً نُورَا .