جيم - أديب كمال الدين

(1)
ما بين حصاة هائلة ورمالْ
بزغتْ في جذعِ القلبْ
أزهارُ الليلْ
فَنمتْ، كبرتْ، أضحتْ أشعاراً رائعة العينينْ
ملأى بالأوراق الوحشيّةِ..
بالأثمارِ المرّةِ..
بالأشلاءْ.
(2)
كنّا في الدارِ ثلاثةْ:
أنا
وعذابي النائم كالجثةْ
وسط الدار
(وكذلك شخص لا أعرفهُ)..
قالتْ أشجارُ الليل
بالأسرار
فَصَمتْنا
وكأنَّ الهول تداركنا
والتفَّ على جذعِ الكلمات
لكنَّ الجثةََ قامتْ،
صَرختْ شقّتْ كتّانَ الجسدِ الأبيضْ
صارتْ تندبُ وسط الدار.
(3)
ماذا قالت أشجارُ الليلِ هناكْ
وبأيّ نسيجٍ مقطوع الكفّينْ
باحتْ بالأسرار
أيّة أسرار؟
ولماذا قامتْ تلك الجثةُ شقّتْ..
كتّانَ الجسدِ الأبيضْ
نَدَبتْ وَعَوتْ؟
لم أفهم شيئاً..
حدّقتُ كمشدوهٍ في ذاكرةٍ بيضاء
وَنَبشتُ حصاتي والرمل الأسودْ
حتّى كدتُ
أن أخلعَ جذرَ الأشجار
لم أفهمْ شيئاً..
وكأن قطاراً دهسَ الماضي:
ثعبانَ الكلمات.
(4)
من بعد ليالٍ عامرةٍ
حضرتْ للدارِ الجثةُ قالتْ:
قالتْ أشجارُ الليل:
(أنا عارية.. دثّرْني..
وَدَمي ينزفُ.. لا تلمسْـني..
أنا برجُ الشاعر
هو ذا لا يبرح قلبي
وأنا المأوى في اللامأوى..
فتعالَ لموتي كالطعنات
وأقمْ مِنْ حَولي سوراً للنسيانْ
سوراً من أحجار هائلةٍ
أسلاكٍ شائكةٍ وجماجم أطفال).
(5)
الجثةُ قالتْ ذلك
لكنَّ الجثة كانتْ نائمةً في الدار وما نَطقَتْ "أبداً"!