قبيل اللحظة الأخيرة - لطفي زغلول
أَيَّتُهَا القَصِيدَةُ الَتِي لَم أُعَاشِركِ بَعدُ ..
إقرَعِي بَابَ مِحرَابِي
إقتَحِمِي هَدأَةَ لَيلِي .. جِيئِينِي سَافِرَةً ..
إخلَعِي عَنكِ وَقَارَكِ ..
أَفرِغِي بَينَ يَدَيَّ ..
حَقَائِبَكِ المُثخَنَاتِ .. نَشوَةً وَكِبرِيَاءً
سَافِرِي بِي إلَى حَيثُ تَشَائِينَ ..
غَيِّرِي خُطُوطَ مَدَارَاتِي
إنَّنِي أَطمع أَن يَكُونَ مِيلادِي الثَانِي ..
بَينَ يَدَيكِ فِي هَذِهِ اللَحظَةِ ..
الَتِي أَخشَى أَن تَكُونَ الأَخِيرَة
أَنَا لا أُمَارِسُ الكِتَابَةَ ..
أَصَابِعِي تُسَافِرُ فِي صَحرَاءِ أَورَاقِي
وَفَجأَةً .. تُظَلِّلُنِي غَمَامَةٌ ..
مُجَنَّحَةُ الرُؤى بِالعِشقِ ..
حَمَلَتهَا الأَنسَامُ مِن مَغَانِيكِ ..
إلَى فَضَاءاتِي ..
عِندَهَا .. تَتَوَضَّأُ بِمَطَرِي الأَخضَرِ ..
لِتُصَلِّي فِي مِحرَابِي ..
فَتَخضَوضِرُ صَحرَائِي .. تُورِقُ قَصَائِدَ ..
تُزهِرُ حِينَ تُلامِسُ أَصَابِعَكِ أَورَاقَهَا
أَيَّتُهَا القَصِيدَةُ الَتِي لَم تَتَنَزَّلُ عَلَيَّ َبعدُ ..
أَنَا لِي وَطَنَانِ .. وَطَنٌ أَسكُنُهُ ..
أُسَافِرُ فِي أَحضَانِ تُرَابِهِ ..
أُحَلِّقُ فِي فَضَائِهِ طَائِرَاً يَصطَادُ الرُؤى ..
أَسبَحُ فِي بُحُورِهِ زَورَقَاً
وَلِي وَطَنٌ آخَرُ يَسكُنُنِي ..
مَرسُومٌ عَلَى خَارِطَةِ أَبجَدِيَّةِ لُغَتِي
وَحِينَ أُسَافِرُ مِن وَطَنِي إلَى وَطَنِي ..
أَنزِلُ فِي أَحضَانِ حُرِّيَّتِي ..
أَغفُو عَلَى سَرِيرِهَا ..
لَعَلَّنِي أَحلُمُ بِكِ عَرُوسَاً ..
تُزَفُّ إلَى فَارِسِهَا .. فِي هَودَجِ الكِبرِيَاءْ