ما بالـُها - لطفي زغلول

ما بالُها .. نَأى بِها تَرحالُها
طَالَ بِها تَرحالُها
صارتْ بَعيدَةَ المَدى
الصَّوتُ غَابَ .. والصَّدى
واليومُ يُشبِهُ الغَدا
ولمْ أزلْ أخالُها
لكنَّني .. أصبَحتُ لا أطالُها
كَانتْ هُنا .. كَانتْ تَجيءُ في الصَّباحِ .. كَالنَّدى
نَشوانَةَ الجَوانِحِ
تُبحِرُ في جَوارِحي .. عِشقاً على طولِ المَدى
يُحيلُ عُمري سَـرمَدا
يَثورُ .. يَأبى لَحظةً أنْ يَهدَأَ
وزَورقٌ .. يَحمِلُني على مَجاديفِ الرُّؤى
مَا بالُها .. كَانتْ بِكُلِّ لَيلةٍ .. تَجيئُني
بِنَظرَةٍ تُضيئُني .. بِلمسَةٍ تُصيبُني
بِهمسَةٍ تُذيبُني .. تَدخُلُ مِحرابي ..
تَصولُ في دَمي .. تَجولْ
تَحمِلُني على جَناحَيها .. إلى المَجهولْ
في لَحظةٍ مِنَ الزَّمانِ .. سِحرُها يَطولْ
كَانتْ تَجيءُ صَبوةً .. كَانتْ تَجيءُ نَزوَةً
تَجوبُ في فُتونِها كُلَّ فَضاءآتِ المَدى
كَانتْ تَمدُّ لِي يَـدا
كَانتْ هُنـا .. كَانتْ هُنـا
سَكنتُ عَينَيها .. ذِراعَيها هَوىً ومَوطنا
واليَومُ يُشبِهُ الغَـدا
سُدىً سُدىً سُدىً سُدى