الليلة شعر وغدًا شعر - لطفي زغلول
حِينَ تُضَاءُ فَضَاءاتِي .. شِعْراً
                                                                    أَصْحُو مِن غَفوَةِ لَيْلِي المَصْلُوبِ ..
                                                                    عَلى جُدْرَانِ مَنافِيهِ
                                                                    يَتَسامَى الَليْلُ ..
                                                                    يَذُوُب رَذاذَ رُؤىً
                                                                    يَخْضَوْضِرُ حِينَ تُقَبِّلُهُ .. قَمَرٌ
                                                                    قَد جَفَّت عَيْناهُ يَبَاباً
                                                                    وتَصَحَّرَ فِي زَمَنِ التِيهِ
                                                                    اللَّيلُ .. إذا تُلِيَت آياتُ الشِعْرِ ..
                                                                    تُلَوِّنُهُ الأَشْوَاقُ العَطْشَى ..
                                                                    المَخْبُوءةُ سِرَّاً
                                                                    نازِفَةً من شَبَقِ العُشَّاقْ
                                                                    يَجْتاحُ الشِعْرُ فَضَاءَ الكَوْنِ ..
                                                                    الشَمْسَ القَمَرَ النَجْمَ الطَيْرَ الزَهْرَ ..
                                                                    النَهْرَ البَحْرَ المَوْجَ المَرْجَ الأَوْجَ الآفَاقْ
                                                                    الشِعْرُ عَشِيقُ اللَّيلِ ..
                                                                    رَبِيبُ الطُوفَانِ الأَخْضَرْ ..
                                                                    يُزْهْرُ أَلَقاً .. يَهْمِي عَبَقاً
                                                                    يُبْحِرُ في زَوْرَقِهِ ..
                                                                    يَصْطادُ الأَنْجُمَ والأَقْمارَ ..
                                                                    يُلَوِّنُها شَبَقاً
                                                                    ويُلَوِّنُ وَجْهَ الأَرْضِ ..
                                                                    يُسافِرُ بَينَ حَنايَاها
                                                                    يُمْطُرُها عِشْقَاً .. يُغْرِقُها
                                                                    يأسِرُها بَينَ ذِرَاعَيْهِ ..
                                                                    لا يَعْتِقُها
                                                                    اَللَّيلَةَ شِعْرُ .. وغَدَاً شِعْرٌ مِدْرَارُ
                                                                    حتَّى تَنْتَحِرَ الشَّمْسُ ..
                                                                    وُيْغِمضَ عَيْنَيْهِ القَمَرُ المَحْزُونُ ..
                                                                    وَيَرْحَلُ عِنْدَ الفَجْرِ ..
                                                                    يَجُرُّ حَقَائِبَهُ الثَكْلَى
                                                                    لَم يَبْقَ بِعُهْدَتِهِ إلاَّ بَعْضُ الأوْرَاقْ
                                                                    تَنْزِفُ أسْطُرُهَا .. شَيْئَاً مِن تَارِيخِ العِشْقِ ..
                                                                    وَتَحْكِي بَعْضَ فُصُولٍ مِن سِيَرِ العُشَّاقْ