هل تحب المتنبي ؟ - لطفي زغلول
سَأَلَتنِي .. هَل تُحِبُّ المُتَنَبِّي
                                                                    وَأَنَا فَي الحُبِّ .. لا أُنكِرُ حُبِّي
                                                                    أَيْ وَرَبِّي .. أَنَا صَبٌّ فِي هَوَاهُ ..
                                                                    أَيُّ صَبِّ
                                                                    إيهِ يَا سَائِلَتِي .. وَاحَرَّ قَلبَاه ُ..
                                                                    فَمَن إلاَّهُ .. ذِكرَاهُ ..
                                                                    تُضِيءُ الحُبَّ فِي ظَلمَاءِ قَلبِي
                                                                    سَوفَ أَتلُو لَكِ مِن ذِكرَاهُ ذِكرَا
                                                                    فَارِسَاً كَانَ امتَطَى العَليَاءَ مُهرَا
                                                                    كَانَ حُرَّاً يَعرُبِيَّا
                                                                    كَانَ تَارِيخَاً وَعَصرَاً ذَهَبِيَّا
                                                                    كَانَ مَا كَانَ .. فَظَنُّوهُ نَبِيَّا
                                                                    لَم يَكُنْ فِي العَيشِ بَينَ النَاسِ مِنهُم
                                                                    فَتَعَالَى بِرُؤاهُ وَتَسَامَى
                                                                    كَالنَبِيِّينَ أَقَامَا ..
                                                                    ذَهَبَاً كَانَ رُغَامَا
                                                                    رَامَ مِن دُنيَاهُ مَجدَاً ..
                                                                    لَم يَنَلْ مِنهُ مَرَامَا
                                                                    مَن سِوَاهُ أَشعَلَ القِرطَاسَ فِكرَا
                                                                    مَن سِوَاهُ كَلَّلَ الهَامَاتِ كِبرَا
                                                                    مَن سِوَاهُ .. يَومَ غَنَّى الشِعرَ ..
                                                                    صَارَ الشِعرُ شِعرَا
                                                                    مَن سِوَاهُ .. تَشهَدُ البَيدَاءُ ..
                                                                    مَا أَلقَى عَصَاهُ
                                                                    فَارِسٌ مُغتَرِبٌ ..
                                                                    لَم يَتَرَجَّلْ عَن عُلاَهُ
                                                                    عَاشَ حُرَّاً .. مَاتَ حُرَّا
                                                                    سَأَلَتنِي .. وَكَأَنَّ الأَمرَ ..
                                                                    رَهنٌ بِسِؤالٍ وَجَوَابْ
                                                                    أَنَا مَهمَا قُلتُ عَنهُ ..
                                                                    لَم أَقُلْ إلاَّ حُرُوفَاً مِن كِتَابْ
                                                                    إيهِ يَا سَائِلَتِي ..
                                                                    مَرَّت عُصُورٌ وَعُصُورُ
                                                                    وَلَكَم هَلَّ مُلُوكٌ .. وَلَكَم وَلَّى مُلُوكٌ
                                                                    وَلَكَم سَادَت قُصُورٌ ..
                                                                    وَلَكَم بَادَت قُصُورُ
                                                                    وَأَبُو الطَيِّبِ فِي عَليَائِهِ ..
                                                                    مَا هَجَرَ السَاحَاتِ .. أَو يَومَاً ..
                                                                    عَنِ الخَيلِ أَوِ اللّيلِ أَوِ القِرطَاسِ غَابْ
                                                                    هَرِمَ الشِعرُ .. وَشِعرُ المُتَنَبِّي
                                                                    لَم يَزَلْ يَرفُلُ فِي شَرخِ الشَبَابْ
                                                                    إيه يا سائلتي ..
                                                                    كَيفَ لا أُسكِنُهُ أَوجَ فَضَائِي
                                                                    كَيفَ لا أَزهُو بِهَذَا الكِبرِيَاءِ
                                                                    أَنَا فِي بَحرِ قَوَافِيهِ .. رَكِبتُ الشِعرَ ..
                                                                    حَتَّى صَارَ لِي بَحرِي وَمَائِي
                                                                    أَنَا مِنهُ وَإلَيهِ ..
                                                                    وَهْوَ حَتَّى أَنتَهِي ..
                                                                    رِحلَةُ عِشقٍ فِي شَرَايِينِ دِمَائِي