لقاء الأندلس - علي بن سعود آل ثاني

تشبّثتُ بالأطلال لما بدا ليا
تراثُ الكرام الغرّ يشمخ عاليا

وقفتُ على الرسم الذي فيه عزّتي
وقد كان دينُ الله حيّاً وباقيا

سألتُ بقايا من بقايا فلم يجبْ
سوى طللٍ يحكي إليَّ تراثيا

تراثَ رجالٍ جاهدوا بنفوسهمْ
وما صنعوا زحفاً وما كان باديا

يُقرّ بفعل المؤمنين بربِّهمْ
ويدحض قولَ الكاذبين مُنافيا

وقد كان للهنديّ وقْعٌ وقصّةٌ
وما فعلتْ فيه الرماحُ العواليا

بأيدي رجال صادقين بعزمهمْ
يردون دارَ الخُلد يومَ التلاقيا

أأندلسٌ ألقى، أمِ الحقُّ ضائعٌ
أمِ الناسُ في وادٍ، أمِ العقلُ ساهيا؟

وإني غريبٌ في ذراكِ وإن يكنْ
عليكِ بغاةٌ يجحدون عطائيا

عطاءً لآباءٍ ورثتُ علومَهمْ
وما سطّروا بحثاً من العلم حاويا

وقد ينصر اللهُ الحقوقَ بأمّةٍ
تعود إلى أصل من الخير شافيا

ولن يعدمَ الرهطُ الكرام خليفةً
يسود ربوعَ المسلمين مناديا

بما جاء في التبيان وحياً مُطهَّراً
يُعيد جموعَ العائدين مُحاميا

يشدّ بهم أزراً ويرفع ظلمهمْ
ويدحر جمعَ الكافرين معاديا

وما جاء في القرآن حكماً مُنزّلاً
يرصّ صفوف الساجدين مُواليا

كذلك كنّا في رُباكِ أعزةً
وكنتِ لنا داراً وكنّا مثاويا

نذود حماها بالبواتر عنوةً
وتصدع جورَ العابثين تماديا

ذهبتِ فلن أنساكِ يا دُرّةَ الحَشا
وقد بقيتْ أحزانُنا مثلَ ما هيا

ومرّتْ سنونٌ سالفاتٌ عوابسٌ
تجرّ بأذيالٍ من البَيْن كاويا

يفيض لها دمعٌ من العين سائلٌ
يهزّ بأعماق النفوس مُجافيا

وقد كان فيها كلُّ قرم وفطحلٍ
يرجّ قلوبَ الكافرين لياليا