لمولانا أمير المؤمنينا - أحمد فارس الشدياق

لمولانا أمير المؤمنينا
مدى الاعصار كل المادحينا

له الشيم التي توحى الينا
معاني نستقل لها الفنونا

فان نفصح فمنها او نقصر
فمن دهش وروع يعترينا

واني لا وان تذكر علاه
تخر لها الاعزة صاغرينا

تجمعت المحامد فيه حتى
حسبنا ذا الورى ماء وطينا

اتانا والزمان يئن سقما
فخلنا ما به داء زمينا

فلم يك ان اطل عليه حتى
اتاه ملبيا حفدا ارونا

فقال له يمين الله اني
اعز لدينه ملكا متينا

وانفى عنه ليت ولو فبادر
بان اذا دعوتك ان تفينا

فقال كذلك كنت وكنت قدما
لآلك خادما عبدا امينا

فمر بي بالذي ترضى فاني
فخارى بالملوك المصلحينا

اليس العام قد ولى فابقى
مآثر لي بها ذكر قرونا

الم تضبط بتسديد وحزم
اصول الملك فانتظمت شؤونا

الم تسهر ليالي حالكات
على استقرائها حتى وعينا

الم ترض الورى طرا بقول
وفعل توأمين فما ابينا

فكان القول معروفا وفصلا
وكان الفعل احسانا ولينا

الم يك ما سننت من اقتصاد
وفضل قدوة للمقتدينا

اليس الأرض قد ماجت بجيش
تعبئه لقهر المعتدينا

فقلنا امس قد مادت شمالا
وقلنا اليوم قد مارت يمينا

متى يقدم على الأعداء ينزل
عليه ربه نصرا مبينا

فينثر بالصفاح لهم رؤسا
وينظم بالرماح لهم وتينا

كأن قلاهم تحت المذاكي
تبعثرها بارجلها قلونا

يؤم بها إلى الهجاء شوس
غطارفة يلون ولا ينونا

اذا ما كرّ فردهم برازا
على جمع يجزئه عضينا

متى قدروا عفوا كرما وبذلا
فنعم القادرون الباذلونا

اليس اليم تمخر فيه فلك
بواخر تحمل البعث القمينا

متى نشرت لها شرعا لتطوعى
بحارا خلتها برزت حصونا

واخرى ذات نجز عن قريب
بها تبغى التيمن كل مينا

اليس معز هذا الملك اولى
بقول مفاخر في الغابرينا

ملانا البر حتى ضاق عنا
وماء البحر تملأه سفينا

نعم قد انطقت بالفخر حقا
حلى عبد العزيز الفاخرينا

فكل الناس اجمع اكبرتها
وفي اطرائها متنافسونا

حلى لم تحوها الخلفاء يوما
وان كانوا اذا عدوا مئينا

حكت زهر النجوم نوى وقربا
واصغرها يفوق الواصفينا

لو ان الناس اوتوها لكانوا
باجمعهم ملوكا خبرينا

ولو ان الاوائل اشبهنه
لما انقرضت قرون الاولينا

اجل مسلط حزما وعزما
واشرف حاكم حسبا ودينا

اذا ما رام امرا روضته
خواطره فارسله المرونا

تودد كل ذي ملك اليه
وامحضه على الود اليمينا

فليس اليوم الا من اتاه
بقلب يستخير رضاه دينا

فمن نكث التعاهر بعد هذا
فذاك لربه يضحى خؤونا

وجدنا مدحه في كل طرس
وكان الاعجمي به مبينا

فخلنا ذا اللسان له لسانا
او استوت اللحون مع اللغينا

خلائق لم يشبها قط ذأم
وان لم تعدم الحسناء ذينا

فايا تمتدح منها تجده
بديعا لا تصيب له تنينا

يزيد محامدا في كل يوم
بما سحر المسامع ولعبونا

فهاتوا من يماجده بفعل
ويقرب ان يكون له قرينا

وهاتوا من اذا ذكرت معال
له برقت اسرته مزونا

ومن ان تعترضه ام دفر
بزينتها فيوليها شفونا

له من خشية الرحمن قلب
يرى الجلل الانيق لفا مهينا

فما يطبيه امر عن رضاه
ولم يك من هوى شيء مرينا

فلولا الملك لم يشغله هم
من الدنيا عن الاقنات حينا

ولكن الامارة كلفته
امورا كان ايسرها رزينا

فراعى الدين والدنيا جميعا
قواما بين ذلك مستبينا

ولو سقت القلوب وجدتها لم
تسر الا جموحا او حرونا

اغر مبارك المرأى فما ان
يرى في العمر ناظره حزينا

جلا عنا الهموم له جلاء
به يتبرك المتبركونا

وذي شطب يقوم كل امر
على حدب له حتى الظنونا

جلاه السر من انا فتحنا
فما قين يمس له متونا

وذاك الفتح حتف للاعادي
يبيدهم وهم لا ينصرونا

حديا كل سلطان وملك
من القدماء والمتأخرينا

علا شانا وافضالا عليهم
كما يعلو الجنى شان الرقينا

راينا من معاليه بشيرا
بما نرجو من العقبى ضمينا

فبشرى للبرية ثم بشرى
فان لها لسلطانا امينا

سها عن ذكر ربهم اناس
فابرزه لذكر الغافلينا

فمن ينظر اليه اذا تبدى
يسبح لاسم خير الخالقينا

ومن يسمع بما ابدى واجدى
يكبر باسم رب العالمينا

فما وجه الغزالة في ضحاها
باحسن من وجها ضاء فينا

اذا ما لاح في ليل بهيم
اعاد سناه لون الجون جونا

وما قطر السحاب على رياض
باندى منه اذ يهب الثمينا

وما والله رنات المثاني
باطرب من ثناه للشجينا

شجا في القوم من لم يدر شجوا
وصاغ عليه عازفهم لحونا

يمينا لم تكن منى غموسا
فسل ان كنت في ريب عزينا

لئن يك غاظ هذا الدهر قوما
فانا اليوم عنه قد رضينا

وان يك لم يزل يكدى ضنينا
فانا بالذي نلنا غنينا

الا ان الخليف اليوم كاف
خلافته وامته الشجونا

اذا ما شك في واقف لهيف
فقدك امان مولانا يقينا

تولى امرنا واجد فيه
فاسعدنا كذلكم البنونا

فمنا شاكر يدعو ومنا
مجيب اذ يقول له امينا

تهنأ ايها الملك المفدى
بعام خيره يهمى هتونا

يبشرنا بايسار وفوز
ويهدينا المسرة والهدونا

يظن الشيخ ان قد عاد طفلا
به ولخلده اقتبل السنينا

تمر الحادثات عليه حتى
تزعزعه فبوسعها سكونا

لانت خليفة اللَه المرجى
بدولته صلاح العالمينا

يهابك من يهاب ومنك يرجو
امانا من يجير الهيبينا

وانت الآمر الناهي بحق
تراه جهرة مقل العمينا

جمال الكون انك كنت فيه
على هذي الصفات وان تكونا

وان يفد الخلود عليك تلوا
لا وفاد الملوك مهنئينا

ومهما كانت الاهواء شتى
تزيغ حجى وتستهوى قرونا

فان الناس كلهم على ما
تؤلفهم له متألفونا

فما يعصيك الا كل غاو
قد اتخذ التباب له قرينا

وكل فتى كما يسعى يجازى
ويصبح بالذي يجنى رهينا

علوت مكانة حتى حسبنا
لها ما فاق من ذا المدح دونا

ولو انا اتيح لنا الثريا
لا هبنا كها نظما وضينا

واني كالمهاة متى يصبها
شعاع الشمس يكسبها عنونا

روينا عن خلالك ما يرينا
لمدّ النون في الايماض نونا

متى رقت يكاد الحبر منها
يضيء فيبهر المتأملينا

لآلك ذلت الاملاك قهرا
وكان الاعظمون لهم قطينا

بنوا ذا الملك بالبيض المواضي
وبالسمر العوالي والربينا

وانت تشيده بجميع هذا
وتبقيه ركين المرتكبنا

وقاك اللَه للالام حصنا
يقيه من مقاويه حصينا

وشب له شبابك عز شان
يديم عليه اشباء مصونا

ساجعل ما بدأت به ختاما
لهذا المدح تاريخ السنينا

لمولانا أمير المؤمنينا
مدى الاعصار كل المادحينا