ديوان الأغاني - أديب كمال الدين

مفتتح راقص
.
صوّبْ:
هذي الوردةُ تهبط
إنْ تقطفها تهبط
في الصبحِ المثلجِ أوراقاً تلتفّ بطعم السنوات
أو تخفي ذاكرةً لدم الأقدام المرّ.
*
صوّبْ:
النهر: الحلم
النهر المكتظّ
وبشطآن الماء
القبلةُ جاءتْ عاريةً
ذهبتْ عاريةً
ذهبتْ؟! أين؟
الشارعُ يرفع أطراف الثوب
الشارعُ يشرب شاياً، خمراً
ويدخن كالمشدوه
والشارع ضيعّه الشارع
والشارع يصطاد الشارع
لكنّ المُخرج لا يرغب
في إلغاءِ السككِ البيضاء ومروحةِ النومِ المعشب
والبحرِ المبتعدِ الأطرافِ إلى حدّ الفتنة
والنومِ على زندِ إمرأةٍ بلّلها
الليلُ فاضحتْ باردةً مثل الزبدة.
*
صوّبْ:
النخل.
الجسد.
الفندق.
الأسماك. الأطفال.
والريحُ تناقش:
هل يأتي فجر يطلب كرسياً؟
والريحُ تقول:
الجسرُ يؤدي للمنفى
والنهر يؤدي للجسر
والجسرُ جميل كالوردة.
الفصلُ طويل كالرقصِ الليليّ وأفواج الموتى
وكأغنيةِ البحّارةِ والصخرِ الجارف
كالصيفِ الممتلىء الأرداف.
الساعةُ تنتظر الماضي
الماءُ يفور قصائد من لهبٍ
تتساقطُ منها الأفخاذ
والمخرجُ يرفعُ شارات البدء، يصيح:
أوصيكَ بماءِ الهجرةِ والنومِ الأبيض
ويغني:
مرحى للريحِ، الأسماء، الشارع
مرحى للرغبةِ والطفلِ البكر
مرحى للقبلاتِ المرمية
ما بين الأحلام، القمح المنثور
ما بين جدار الآلام.
*
صوّبْ:
هذي الوردة
إنْ تقطفها تهبطْ
في الصبحِ المثلجِ أوراقاً تلتفّ بطعمِ الشارع.
.
أغاني رأس السـنة
(1)
... وهنالك أشجار سود
لم ترحلْ بعد لبغيتها
وهنالك أشجارْ
وهنالك أيام
لم ترحلْ بعد لمتحفها
وهنالك أيامْ
وهنالك أحزان
رسمت ذاكرتي وخطاي
وهنالك أحزانْ
وهنالك وجهكِ يفجؤني أبداً
في الليل وفي الحلم
في كلّ المنعطفات
أدماه الحزن وحاصره القمرُ الذئبيّ
أغنته الوحشة
وقليلُ الزاد وبعدُ الشُقّة
وهنالك وجهكِ.. آه.
(2)
في ليلةِ رأسِ السنة
أكتشفُ السرّ:
إنيّ طفل في العام السابع والعشرين.
في وحشة رأس السنة
أكتشفُ السرّ:
إنيّ كهل قد أتعبه أرقُ الأحفاد
في ظلمةِ رأسِ السنة
أكتشف ُالسرّ:
إنيّ كوكبه الدريّ المتألق في أحداق محمد
وربيع الله.
(3)
"لم يحضر أحد للحفلة"
فاجأني الخادم
في قمةِ حلمي،
فزجرته.
"لم يحضر أحد للحفلة"
فاجأني الشمع
في قمةِ فرحي
فنهرته.
" لم يحضر
أحد....."
فاجأني الكأس
فرميته
"لم يحضر.... "
فاجأني حزني فصمتُ، نظرتُ:
لم أجد الخادمْ
"من أين يجيءُ الخادمْ ؟!"
لم أجد الشمع
"من أين يجيء الشمع؟!"
وانكسر الكأسُ الفارغ.
ونظرتُ: الحزن أمامي
يتضاحكُ، يفتتحُ الحفلة!
(4)
من أجلك
يا مَن يحضرني
الليلة وجهه
يا مَن يعرفني
ويكاد
يا مَن لا اسم له، لا عنوان
أرسلُ برقيةَ تهنئةٍ
من دون حروفٍ أو معنى
وأنام.