هذي منازل أنسنا وصبانا - أمين تقي الدين

هذي منازل أنسنا وصبانا
ومطالع الحب الذي آخانا

ورياض آمال الحياة وصفوها
وحمى سلام قلوبنا وهنانا

أو تذكر العهد الذي نعمت به
وقت الشبيبة في الهوى نفسانا

أيام نمرح في خمائل حبنا
نحني الصدور ونقطف الرمانا

أيام نسرح في رياض العلم لا
هم تعكر فيه كأس صفانا

والكون يبسم حولنا وسماؤه
غراء نعشق وجهها الفتانا

والنجم يرقبنا بها فكأنه
أمسى بخمرة حبنا سكرانا

مرت ليالينا ومر بهاؤها
فكأن عهد سعودنا ما كانا

حتى حسبنا الله في ملكوته
ما كان يحرس غيرنا إنسانا

بالأمس كنا ليس نعرف ما الأسى
وغدا نكون ولا يزول أسانا هذي هي الدني وهذا طبعها ليست تغير طبعها دنيانا

إيه بلاد الشرق أنت عزيزة
عندي وحبك راسخ أركانا

فعرفت فيك النور أول مرة
وكفى به بحداثتي عرفانا

أنت التي زمن الصبى علمتني
في حجر أمي الخير والإحسانا

أو ليس تحت سماك طفلا مر بي
زمن يفاخر بالبها الأزمانا

عشرون عاما في رياض شبيبتي
نثرت علي الورد والريحانا

واليوم يا وطني وقد كاد الصبا
يمضي وكاد سواده يغشانا

ودجى الحياة علي أرخي ستره
وزمان جدي للسعادة هانا

أرسلت في دنياي نظرة ناقد
فرأيت جدا بالشقا مزدانا

وعرفت أن المرء مغرور بها
أني يكون يصادف الأحزانا

فعليك يا وطني السلام فما أنا
لأحب عيشا بالأسي ملآنا

قف بي أودع فيك جنات بها
لعب النسيم يحرك الأغصانا

واحبة للقلب تحت سماك لا
أنساهم ومنازلا غرانا

سأسير في الدنيا إلى بلد بها
ليست ترى نفس العزيز هوانا

وأعيش لكن من جنى كفي فلا
ألقي علي بها امرءا منانا

وأغيث أهلي عارفا لجميلهم
فالحق أن نعطي الذي أعطانا

والله ما هجري بلادي عن رضي
لكن بلادي توجب الهجرانا

نزل التعصب في حماها لائذا
فأصاب في لب القلوب مكانا

ألقي عصا التسيار فيه ولا أرى
إلا نفوسا في العلي تتفاني

وهناك أحلام الصبا ذهبية
تنسي ابن موسى الأصفر الرنانا

فلعلها يوما تصح وحبذا
يوما تصح فأنثني فرحانا

وأعود للأوطان أطلب العلي
الله يحفظ بالعلى الأوطانا

وأرى بلادي جنة وسماءها
زادت لفرط سرورها لمعانا

الله في ذاك الزمان وليتني
أحيا طويلا كي أراه عيانا

فأقول يا لبنان معهد صبوتي
حياك من بعلاك قد أحيانا

أنجيب هذي بعض أحلام الصبا
ليت الشباب يصح فيه رجانا

أحببت لبنانا وسوف أحبه
ونحبه طول الحياة كلانا

إن لم تكن إلا عظام أبي به
فأنا أحب لأجلها لبنانا