دمع همي وفؤاد طالما خفقا - أمين تقي الدين

دمع همي وفؤاد طالما خفقا
وزفرة صعدت كالبرق إذ برقا

وفكرة فكرت فيما مضى فبدت
تعلم الجفن مني في الدجى الأرقا

ومقلة شغفت مذ أبصرت فجنت
على الفؤاد الأسى واليأس والقلقا

ومهجة عشقت عين المها فغدت
دريئة لسهام تخرق الدرقا

ليت الذي شغفت فيه يرق لها
لطفا ويمنحها فضلا زمان لقا

ظبي لحكم هواه قد خضعت فلم
يعدل وجار على قلبي وما رفقا

خط الجمال لنا في لوح جبهته
سطرا ملخصه يا ذل من عشقا

والآس في خده قد قام ينشدنا
تأملوا واشكروا الباري الذي خلقا

ملكته القلب لكن راح يهجره
يا من رأي سيدا من عبده أبقا

الشمس طلعته والليل طرته
يا من رأي الشمس يوما تألف الغسقا

والورد وجنته والبان قامته
يا من رأي الورد غصن البان معتنقا

أبصرت في خده نارا وذا عجب
الآس والورد في نار وما حرقا

والجلنار زها فيه ففاخر بي
نبت البهار الذي في وجنتي عبقا

وقال في ثغره الدر النضير ألا
يرى لآلىء دمعي عقدها انتسقا

قالوا له قد نظمت الشعر فيه فلم
يقبل وأضحي يزيد الغيظ والحنقا

وقال شعرك بالتلفيق تخلطه
والكذب فيه كسيل سح مندفقا

أجل تكلم حقا إنما بسوى
مديح موسى قريضي قط ما صدقا

يا مالكي هل لطيب الوصل في زمن
يعود ينفي أسي عني وفرط شقا

ويا حبيبا نأي عني وغادرني
تهيجني الطير تشدو في غصون نقا

إني لبعدكم أرعي النجوم وقد
حسدت عقدا لها ألقاه منتسقا

إن كان سرك ذلي في البعاد فما
ذلي سوى عز قلب فيك قد علقا

موسى رفيقي صديقي منيتي أملي
أهوى بك اثنين ذاك الخلق والخلقا

لبيك إني على عهد المودة لم
أبرح أمينا ففي حفظي العهود ثقا

يا عاذلي فيه صة لو كنت تعرفه
عرفت فيه فتى من خير من خلقا

أنفقت عمري هذا مذ جنحت له
فإن جنحت إليه فاتخذ نفقا

لا يفرح الحاسدون المبغضون له
بما به من سقام يوجب القلقا

لنا الهنا بشفاء حازه ولهم
شقا يدر عليهم وابلا غدقا

يا نائيا عن محبيك السلام على
ذاك المحيا الذي كالبدر منبثقا

جد باللقا عن قريب مالكي ولنا
أهني هنا مثله لم نلق آن نقا

واسمح برد جواب عن فتاة مها
واستر مصائبها واكرم ببنت نقا

فأنت أجود ممن جاد عارضه
وأنت أكرم ممن بابه طرقا

وأنت أنبغ من في شعرهم نبغوا
وأنت أفصح من بالضاد قد نطقا

فليس يعجبني فيك العلاء فذا
أبوك قبلك يمشي هذه الطرقا

يا رب صنه وصن أنجاله أبدا
واكرم عليهم جميعا في طويل بقا

واقبل ختام كتاب فيك مبدأه
من الأمين سلاما نشره عبقا

واقبل تحية جبران وقيصر من
قلباهما في بحار الشوق قد غرقا

إنا ثلاثة إخوان ورابعنا
فريدة العقد موسى الساكن الحدقا

عليك موسى سلام كلما طلعت
شمس وجاد سحاب والرياض سقى

لا تعتجب من مياه فوق ما كتبت
يدي فما ذاك بالأمر الذي اختلقا

أسلت دمعي إبان الكتابة إذ
خشيت من زفرتي أن تحرق الورقا