سلمت فارتجل الرضى وتبسما - أمين تقي الدين

سلمت فارتجل الرضى وتبسما
أرأيت كيف القلب يستبق الفما

عبثت صفاوة نفسه بوقاره
وتقسماه فليس أروع منهما

ومشى إلي ففي خطاه رصانة
وكأنما يطأ الطريق ترسما

متأنق بادي الرواء حسبته
أخذ الأناقة والرواء عن الدمى

حياك قبل لسانه بفؤاده
لما أطل من العيون وسلما

الحب ما نشرت أسرة وجهه
واللطف ما وهب اللسان وقسما

صدق الحكيم فللمروءة مجدها
ومن المروءة أن تعف وترحما

نزهت فضلك بالعفاف فصنته
وعصمت جاهك أن ينال فيثلما

الطب من نعم السماء على الورى
فادع الطبيب كأنما تدعو السما

لباك يحمل علمه وفؤاده
هذا الحنان طوى وذاك البلسما

عف اليد السمحاء تبسط للندى
وأبى عليه حياؤه أن تلثما

عف اللسان يرى الفصاحة سبة
في ما حدا بالظرف أن يتجهما

عف السماع عن النميمة خلته
وهو الفصيح غدا الأصم الأبكما

نادمته فهو الكياسة جملة
وبلوته فهو الإباء مجسما

في محفل وفد الجموع لساحه
كالسيل مندفعا على الشعب ارتمى

وفدوا ليستمعوا فما استمعوا إلى
أسمي معاني أو أحب تكلما

أثنى على الأخلاق فاذدكروا به
عيسى وقد خطب الجموع وعلما

واستنفر الحرية الحمراء في
كلم كأن حروفها فطرت دما

تجري على ألفاظه نبراته
كمرتل غناك سورة مريما بتنا يساقطنا البيان كأننا بتنا يساجلنا الهزار مرنما

في ناظريه فصاحة كلسانه
لم تدر بينهما الخطيب المفحما

يمشي النعيم إليك عند رضائه
وتنير غضبته لديك جهنما

هذا فقيد اليوم أصبح يومه
كالأمس يدركه الخيال توهما

ليت البيان أطاعني فرثيته
بأجل ما يوحي البيان وأعظما