عذرت الموت لم أوسعة ذاما - أمين تقي الدين

عذرت الموت لم أوسعة ذاما
جلال الموت أن تدع الملاما

مشى أعمى الخطى قدرا مطاعا
أسمي الحق أم سمى الزؤاما

رسول الخلد في الدنيا يؤدي
رسالته إلى الدنيا لزاما

غشا لبنان يحملها فلما
أطل الفجر مر بها لماما

شجاني أن في كفيه طيبا
أغال الجسر أم سرق الخزامى

أبا حسن نعيت فكنت دنيا
رزئناها وغايات عظاما

سماء رصعت بمنى زواه
نيازك كل ناحية ترامى

وروض طله أمل ندى
ففتح عن أزاهرها الكماما

غنمناها روائع دائمات
لو الدهر الذي صافاك داما

جرى قدر فبددها سماء
وجنة مؤمن ومنى جساما

فكان أحق ما قدمت ذنبا
وصار أحب ما حلاك ذاما

يهون علي أن ترمى بضيم
ولكن حيث تأنف أن تضاما

كفاك بعصمة الإسلام جاها
وحسب المؤمنين بك اعتصاما

ويا لك نجمة لمعت فغارت
فصارت في فم الخلد ابتساما

هل الخلد الذي نبئت عنه
سوى التاريخ ينتظم الأناما

خلقناه بقاء من فناء
فخوف الموت قد ولد الدواما

صحائف للخلود مسلسلات
حوين الدهر عاما ثم عاما

أرى لك صفحة فيها كأني
رأيت الفجر صاغ بها الكلاما

حياة شابها قصر أراه
يعيب على السنا البدر التماما

أسائل كل ذي عينين عنها
وأصدف لا أسائل من تعامي

حوتك اثنين كلهما عظيم
صديق الناس والرجل الهماما

ذكرتك والبلاد تحس حمى
من الأهواء تحتدم احتداما

وقومك يرصدون الجو تأتي
طلائعة سحابا أم جهاما

تصدع رأيهم فمضوا شتيتا
من الآراء خلفا وانقساما

وأوشك أن يشبوها ضروسا
يكون وقودها جثثا وهاما

فكنت لفتنة الأفكار قيدا
وكنت لثورة الحقد اللجاما

كأن عمامة بيضاء تعلو
جبينك رأية تلقي السلاما