فلنقع فريسة الجزيرة - أنسي الحاج

لمّا مات الأمير هَرَبَ البُسانيُّ الفقير من بطش
الخليفة.
تسلّل في اللّيل من أبراج السور وسافر مجموع ليالي
السفر. دلّته نجمة العطش على جزيرة حيث استراح.
وسمع أصواتاً ورأى حدوداً. ودلّته نجمة الجوع
فأبصرهنّ.
كانت في تلك البلاد عشرون ومليون امرأة.
وبساتين.
وشُهرة لطيفة لرجل إنْ أتى أتى وإنْ لم يأت أتى.
وكُنّ يغزلن الصوف، ويرمين الصحون في الأنهر،
ويأكلن التُّفّاح قبل أوانه إذ هو جاهز على الدوام في
الجزيرة. وكُنّ يتعلّمن اللّغات والمبادئ والضحك
والشوق والعلوم والغرائز.
أعانت النساء راعي البساتين على الإقامة . خصّصن
له راتب ملبس جديد، لكنّ راتبَ المأكل كان
قديماً وأيضاً راتب الخمر. فمثل جسد الإنسان وروحه
مثل بدء الخليقة.
أعطينه الأرض فأخصبها. أعطين الحقل فروّج فيه
العبير. أعطينه العشب فعلّمهنّ ما فيه من كواكب.
أعطينه البراري فزيّنها باللّعب والأنغام. بلّل عيونهنّ
وقصف التراب بعواصفهنّ.
حفظن عليه اللّذّة قبل الحساب والسعادة قبل
التاريخ.
واللّواتي لم يكُنّ جميلات صرن جميلات.
لقد هرب تحت اللّيل حتى وصل . لكُلّ هارب تحت
اللّيل نجمة فوق اللّيل.
وبعد ممات الأمير هو البُسانيُّ أمير.
لقد أسّس هُناك حياته لنا.
والنداء هو: لنهربْ وراءه تحت اللّيل. فَلْنقَعْ فريسة
الجزيرة!...