بكاء الحاجب - أديب كمال الدين

وقال الحرف:
يا سيّدَ الملكوت
يا سيّدَ الموعد والقيامة والبذرة والزوبعة
يا سيّدَ الحيّ والميّت
ياسيّدَ التراب والماء
أيُعْقَل انّ هذا الذي يقف ببابك
يحملُ مرايا شمسه المنكسرة
وشظايا قلبه
وبقايا عظامه وجثته
لا يجد ردّاً على خرابه الشاسع
وموته الساطع
أيُعْقَل هذا
يا سيّدَ القباب الذهبية والأنهار المقدسة
أن أبشّره بأنّ قصائده الآتيات
سوف تجيء من غير شمسٍ ولا ماء
وأنْ لا مناص له
مِن أن يرمي جثته
تحت عجلات قصيدة مدمّاة
أو قطار أبله
أو نهر منفيّ مثله
أيُعقَل
وقد كتبتَ لي –
وأنا خادمك المخلص وحاجبك المطيع –
انني لن أظلم حبيباً أبداً
ولن أحطّم مرآة عاشق البتة
ولن أضيّع نقطة
ولن...؟
أيُعقَل وأنا أزحفُ على رأسي وكأسي
وأنا أقود كينونتي التي تشبه مرآة أعمى
عبر سراطكَ المتكلم
وقدركَ المتكلم
وأنا أنتقل فيكَ وبكَ ومنك
من جلجلةٍ إلى جلجلة
ومن قارّةٍ إلى قارّة
ومن رعبٍ إلى رعب
ومن زلزلةٍ إلى زلزلة
ومن واقعةٍ إلى واقعة؟
أيُعقل
أن أجلس أربعين عاما ًعند بابك -
وأنا الحاجب -
فلا يُفتح لي
ولا يُردّ على صرخاتي
التي ملأتْ جسدي طيورا ًميتة
من أقصى جسدي إلى أقصاه؟
أيُعقل
يا مَن اختصّ نفسه براء الرحمة
وميم الملكوت
يا مَن جلس على عرش الكن فيكون
أن أشرب من كأس دمي
كلّ يوم وليلة
فلا أموت
وأنتَ الذي يسمع نبضة سرّي
ونوني وكافي وقافي
أيُعقل
أن تتركني أتشحّط بدمي
ودمي يتشحّط بي؟