على سحابة رجليك - أنسي الحاج

I
لم يُؤذ ولم يأثم. ومع هذا لم تكن أيّامه خفيفة.
لم يعتقد أنّ الرذيلة ذكاء إنّما آمن بأنّ الرذيلة غباوة.
قال إنَّ العُهر بشع ورمى العفونة. لم يُؤذ ولم يأثم. كان
ذا حنان جهنّمي وبراءة وحشيّة.
قال مرحباً أيُّها الحبّ
وقال: الوداع أيّتها الأيّام الخفيفة.
II
منْ حين إلى حين، لكي يدور بيَ الدُّوار، أُوقف
مصيري على سَحابة رجليك...
III
لكُلّ ريح تنام في شَعرك، مركب يرسو في
قلبي.
IV
كُلّ ماء يغسلك يتمزّق. هناك يَنبوع يُرفرف
ماؤه كفراشة. إصعدي والْمسيه ليتمزّق. طالما
شاهَدَك تُمزّقين سائر المياه، ونار الغَيْرة تنهشه حتّى
البحر.
v
ما كنتُ أعرف أنّ أحداً يحتلُّ أحداً كبحر
ويسكنه كهاوية.
ما كنت أعرف أنّ البحر يهبط الرمال الضيّقة
وأنّ ماء ضيّقاً يُغصّص الصحراء.
أين أذهب بك
أين أرحل وأجد الثياب
فألبس لفرس البهجة.
كلّ شيء يُولد وكلّ شيء يخلو.
تمام الأزمنة طالع من سُهولك والفراغ طالع من
سُهولك
سُهولك السهلة وسُهولك الصعبة
سُهولك النوم وسُهولك الحَربة
أين أذهب بك بعيداً عنك
مُفرَغاً فيك
مُحتوياً إيّاك
أين أذهب
وما كُنت أعرف أنّ أحداً يحتلّ أحداً كبحر
وأنّه يَسكنه كهاوية...
VI
قرأْت الكُتب لأسرق أوصافاً تعجبك. إنتبهتُ إلى
الأحاديث لأتعلّم كلمة تُدهشك. أبحرت تحت الحذر
لأُفتّش عن وعي يبهرك.
لكنْ ماذا ينفع الرجل لو اكتسبَ العلوم وكانت
حبيبته المعرفة.
VII
كُلُّ يد، كلُّ يد تسمع في كفّها وَقْع عينيك في
عينيّ.
كُلُّ مرمر، كُلُّ مرمر يُردّد صلاتي
إليك.
VIII
يَنهبني الزمان الذي تنهبه الحياة التي هي
أنت.
IX
تقولين البُكاء يَغمر. كالضمّة.
تعالي. سأكون أنا البكاء إلى الأبد.
X
سأدع القمر الغريق في الرمال
غريقاً في الرمال.
سأدع الشمس المُتردّية تحت الماء
مُتردّية تحت الماء.
سأدع ملك الملوك المُعظّم
ملك الملوك المُعظّم.
سأدع فقير الفقراء الفقير
فقير الفقراء الفقير.
لكنْ
قبل أنْ تُكملي سيرك
خُذيني في سيرك.
قبل أنْ تلفّي الطريق
خُذيني عن الطريق.
قبل أنْ تدخلي إلى هدوء البيت
إلْتفتي إلى الجنون في حُبّيّ حتّى
الجنون
وإلى الموت في حُبّي حتّى الموت.
XI
كنتُ لُعبة وأنت طفلة. ولمّا كبرت أصبحت
طفلة وأنا لُعبتك.
XII
كنتُ مشكوكاً على الرمح والرمح طائر. يوم
الْتقيتك أمسكتُ روحي من جذورها. صرت أنا
بكاملي. وصلتُ إلى المدار.
أنتِ وأنا غدَوْنا العالم. ليتكرّر، ليتكرّر دائماً هذا
العالم!
وإذا خاطبتُك بكلام من غير القلب، أُحسّك
تفضحينني، تسحبين الأرض من تحت قدميّ، فينزف
كياني دم الخجل والخطيئة.
XIII
أسكتُ عندما تتكلّمين لأنّ سكوتي يصون
نقائي.
لقد ذبحوا كُلّ شيء بالكلمات. وحدكِ تتقدّس بك
الكلمات. وحدكِ تتألّه فيك الثرثرة.
XIV
صوتك الهامس هو الهتاف.
صوتك العالي هو تاج الهمس.
صوتك جميل لأنّ جِلْدك في صوتك.
XV
أسرعي أسرعي إلى المرآة. سوف ترين أنّك
متروكة في نظري.
XVI
تملكين جميع المواهب ولا تُعطين إلا الحاجة إليك.
تصنعين نظاماً لقلقي وجحيماً لطمأنينتي.
أيّتها الأفيون يا حبيبتي، أعطيني أنْ أغيب فيك
غياب الشمس الأخيرة.
XVII
آه حظُّك آه.
حظُّك أنّك أنت...