سقوط بورت ارثور - إيليا أبو ماضي
من أسود تسربلت بالحديد
و من الجنّ في رواء الجنود
ينشدون الوغى و ما ينشد
الحسناء غير المتيّم المعمود
كلّ قرم درع من الصبر
و درع مسرودة من حديد
تحته أجرد أشدّ حنينا
و اشنياقا ألى الوغى من نجيد
سابح عنده العسير يسير
و القصيّ القصيّ غير بعيد
و صبا للنجوم من قد علاه
أصبح الجوّ تحته كالصعيد
تحسب الأرض قد جرت يجرى
و تراه كأنّه في ركود
إنّما يركب الجواد جواد
و يصون الذمار غير بليد
و خميس يحكي النجوم انتظاما
عجبا من كواكب في بيد
أوقع الرّعب في قلوب الضواري
فاستكانت كأنّها في قيود
أصبحت تهجر المياه و كانت
لا ترى الماء غير ماء الوريد
خافقات أعلامه ، أرأيتم
كقلوب العشّاق عند الصدود
قاده ذلك الغضنفر ( نوجي )
و يناط الحسام بالصنديد
رجل دونه الرجال مقاما
مشبه في الأنام بيت القصيد
كلّ سيف في غير قيضة نوجي
فهو عند السيوف غير سعيد
يا يراعي سل ( بورت أرثور ) عنه
إنّ تلك الحصون خير شهود
معقل أصبحت جحافل هيتو
حوله كالعقود حول الجيد
هجموا هجمة الضراغم لمّا
حسبوها فريسة للأسود
و تعالى الضجيج للأفق حتى
كاد ذاك الضجيج بالأفق يودي
و توالى هجومهم و المنايا
ضاحكات ، فيا لها من صيود
كم جريح مضرّج بدماه
و قتيل على الثرى ممدود
و أسير إلى أسير يساقون
تباعا إلى الشقاء العتيد
أسطرهم مدافع الروس نارا
أصبحوا بعدها بغير جلود
دامت الحرب أشهرا كلّما قيل
خبت نارها ذكت من جديد
و المنايا تحوم السرايا
حومة العاشقين حول الغيد
حيث حظّ المقدام مثل سواه
و كحظّ الكبير حظّ الوليد
صبر الروس صبر أيوب للبلوى
على ذلك العدوّ العنيد
غير أنّ االأيّام ( وستوسل )
يمني أجفانه بالهجود
فتولاهم القنوط من النصر
فردّوا أسيافهم للغمود
كان هذا للصّفر عيدا و عند
الروس ضربا من الليالي السود
قلعة صانها الزمان فلولا
كيد نوجي لبشرّت بالخلود