وقائلة - إيليا أبو ماضي

وقائلة: هجرت الشعر حتى
تغنّى بالسخافات المغنّي

أتى زمن الربيع وأنت لاه
وقد ولّى ولم تهتف بلحن

ونفسك كالصّدى في قاع بئر
ومثل الفجر ملتحفا بدجن

فما لك ليس يستهويك حسن
وأنت لمرء تعشق كلّ حسن؟

أتسكت والشباب عليك ضاف
وحولك للهوى جنّات عدن؟

ركود الماء يورثه فسادا!
فقلت لها : استكيني واطمئني

فما حطمت يد الأيام روحي
وإن حطمت أباريقي ودنّي

ولم أعقد على خوف لساني
ولا ضنّا على الدنيا بفنّي

ولكنّي امرؤ للناس ضحكي
ولي وحدي تباريحي وحزني

إذا أشكو إلى خدن همومي
وفي وسعي السكوت ظلمت خدني

وتأبى كبريائي أن يراني
فتى مغرورقا بالدمع جفني

فأستر عبرتي عنه نئلا
يضيق بها وإن هي أحرقتني

ويبكي صاحبي فإخال أني
أنا الجاني وإن لم يتّهمني

فأمسح أدمعا في مقلتيه
وإن حكت اللهب ، وإن كوتني

لأني كلما رفّهت عنه
طربت كأنني رفّهت عنّي

كذلك كان شأني بين قومي
وهذا بين كلّ الناس شأني

أقول لكلّ نوّاح رويدا
فإنّ الحزن لا يغني ، ويضني

وجدت الدمع بالأحرار يزري
فليت الدمع لم يخلق بجفن!

...

سبيل العز أن تبني وتعلي
فلا تقنع بأنّ سواك يبني

ولا تك عالة في عنق جدّ
رميم العظم أو عبئا على ابن

فمن يغرس لكي يجني سواه
يعش ، ويموت من يحيا ليجني!

...

ألائمتي اتركيني في سكوني
ولومي من يضجّ بغير طحن

إذا صار السماع بلا قياس
فلا عجب إذا سكت المغني

أنا ولئن سكتّ وقال غيري
وجعجع صاب الصوت الأرنّ

إذا أنا لم أجد حقلا مريعا
خلقت الحقل في روحي وذهني

فكادت تملأ الأثمار كفّي
ويعيق بالشّذى الفوّاح ردني