ما زال في الأرض حبّا - إيليا أبو ماضي

أيّ خطب دها فبات المهجر
مثل حقل مرّت عليه صرصر

ضربت عقد زهرة فتبعثر
و مشت فوق عشبه فتنكر

بعد أن كان عبهريا نديّا

*

قد سمعنا ، يا ليتنا لم نسمع
نبأ زعزع القلوب و ضعضع

فجزعنا ، و حقنا أن نجزع
لفراق الفتى الأديب الألمع

وذرفنا دمعا سخينا سخيّا

*

قد بكينا كما بكى لبنان
و حنّتنا كأرزه الأحزان

ليس بعد الأمين ثمّ مكان
غير مستوحش و لا إنسان

ذو وفاء لم يبك ذاك الوفيّا

*

ألمهيّ قد غاب تحت الرغام
إنّما لم يغب عن الأفهام

فهو باق فينا مدى الأيّام
فعليه تحيتي و سلامي

عاش حرّا ، و مات حرّا أبيّا

*

لم يعفّر جبينه في التراب
لم يوارب في موقف ، لم يحارب

لم يبع قومه من الأغراب
لم يسر في سوى طريق الصواب

لم يكن خائنا و لا إمعيّا

*

عاش في الأرض مثل زهر البنفسج
كلّما زاد فركه يتأرّج

و كنجم في برجه يتوهّج
لا يبالي أحبّه من أدلج

أم أحبّ اللّيل البهيم الدجيّا

*

فابسمي فوق قبره ، يا نجوم
و ترنّم من حوله ، يا نسيم

فالدّفين الذي هناك يقيم
بطل مصلح وروح كريم

و لسان تخاله نبويّا

*

و تنصّت إذا رأيت الأقاحي
جاثيات في هيكل الأرواح

قائلات بلهجة النصّاح
أيّها النّاس ، بعض هذا النذواح

" فأمين " ما زال في الأرض حيّا