فلنعش - إيليا أبو ماضي

لا تسل أين الهوى و الكوثر
سكت الشّادي وبحّ الوتر

فجأة ...وانقلب العرس إلى
مأتم ...ماذا جرى ؟ ...ما الخبر ؟

ماجت الدّار بمن فيها ، كما
ماج نهر ثائر منكدر

كلّهم مستفسر صاحبه
كلّهم يؤذيه من يستفسر

همس الموت بهم همسته
إنّ همس الموت ريح صرصر

فإذا الحيرة في أحداقهم
كيفما مالوا و أنّى نظروا

علموا ...يا ليتهم ما علموا
أنّ دنيا من رؤى تحتضر !

و الذي أطربهم عن قدرة
بات لا يقوى و لا يقتدر

يبس الضحك على أفواههم
فهو كالسخر و إن لم يسخروا

و إذا الآسي ...يد مخذوله
و محيّا ، اليأس فيه أصفر

شاع في الدّار الأسى حتّى شكت
أرضها و طأته و الجدر

فعلى الأضواء منه فتره
و على الألوان منه أثر

و القناني صور باهته
و الأغاني عالم مندثر

ألهنا أفلت من أيديهم
و الأماني .. ؟ .. إنّها تنتحر

ذبحت أفراح في لمحة
قوّة تجني و لا تعتذر

تقلع النّبت الذي تغرسه
و الشّذا فيه ، و فيه الثمر

إعبثي ما شئت يا دنيا بنا
و تحكّم ما تشاء يا قدر

إن نكن زهرا فما أمجدنا
أو نكن شوكا فهذا الخطر

فلنعش في الأرض زهرا و ليطل
أجل الشّوك الذي لا يزهر

...

رحل الشاعر عن دار الأذى
و انقضت معه الليالي الغرر

كم حوته و حواها ملكا
دولة الروح التي لا تقهر

عاش لا ينكر إلاّ ذاته
إنّ حبّ الذات شيء منكر

شاعر ، أعجب معنى صاغه
للبرايا ... موته المبتكر

الجمال الحقّ ما يعبده
و الجمال الزّور ما لا يبصر

و الحديث الصفو ما ينشره
و الحديث السوء ما يختصر

إنّه كان " ملاكا " بشرا
فمضى عنّا الملاك البشر

و نفوس الخلق إمّا طينة
لا سنا فيها و إمّا جوهر

...

يا رفيقي ! ما بلغت المنتهى
ليست الحدّ الأخير الحفر

فاعبر النهر إلى ذاك الحمى
حيث " جبران " العميد الأكبر

" و رشيد " نغمة شادية
" و نسيب" نغم مستبشر

" و جميلب " فكرة هائمة
" و أمين " أمل مخضوضر

قل لهم إنّا غدونا بعدهم
لا حديث طيّب ، لا سمر

كسماء ليس فيها أنجم
أو كروض ليس فيه زهر

كلّنا منتظر ساعته
و المصير الحقّ ما ننتظر