الخلود - إيليا أبو ماضي

غلط القائل إنّا خالدون
كلّنا بعد الرّدى هيّ بن بيّ

*

لو عرفنا ما الذي قبل الوجود
لعرفنا نا الذي بعد الفناء

نحن لو كنّا " كما قالوا " نعود
لم تخف أنفسنا ريب القضاء

إنّما القول بأنّا للخلود
فكرة أوجدها حبّ البقاء

نعشق البقيا لأنّا زائلون
و الأماني حيّة في كلّ حيّ

*

زعموا الأرواح تبقى سرمدا
خدعونا ... نحن و الشّمع سواء

يلبث النور بها متّقدا
فإذا ما احترقت باد الضياء

أين كان النور ؟ أنّي وجدا ؟
كيف ولّى عندما زال البناء ؟

شمعتي فيها لطلّاب اليقين
آيه تدفع عنهم كلّ غيّ

*

ليست الروح سوى هذا الجسد
معه جاءت ومعه ترجع

لم تكن موجودة قبل وجد
و لهذا حين يمضي تتبع

فمن الزور الموشّى و الفند
قولنا : الأرواح ليست تصرع

تلبث الأفياء ما دام الغصون
فإذا ما ذهبت لم يبق في

*

لو تكون الروح ما لا يضمحل
ما جزعنا كلّما جسم همد

لو تكون الروح جسما مستقل
لرآها من يرى هذا الجسد

كلّ ما في الأرض من عين و ظل
سوف ينحلّ كما انحلّ الزبد

و لئن صحّ بأنّا منشرون
جاز أن يعقب ذاك النّشر طيّ

*

ليت من قالوا بأنّا كالزهور
خبّرونا أين تمضي الرائحه ؟

أترى تبقى كألحان الدهور ؟
أم تلاشى مثل صوت النائحه ؟

ليت شعري أيّ خلد للبذور
بعد أن تلقى بنار لافحة ؟

قل لمن يخبط في ليل الظنون
ليس بعد الموت للظّاميء ري

*

مثلما يذهب لون الورقه
عندما تيبس في الأرض الأصول

مثلما يفقد نور الحدقه
حين أقضي .. هكذا نفسي تزول

كتلاشي الشمعة المحترقة
تتلاشى بين ضحك و عويل

أنا بعد الموت شيئا لا أكون
حيث أنّي لم أكن من قبل شيء !

*

إيه أبناء الثّرى نسل القرود
علّلوا أنفسكم بالترّهات

ألبسوا في صحوكم ثوب الجمود
واحلموا في نومكم بالمعجزات

فسيأتي زمن غير بعيد
تتهادى بينكم فيه أيّاه !!

و يحلّ الله في ماء وطين
فيراه الشّيخ و الشاب الأحيّ !