الشاعر - إيليا أبو ماضي
عندما أبدع هذا
الكون ربّ العالمينا
و رأى كلّ الذي
فيه جميلا و ثمينا
خلق الشاعر
كي يخلق للناس عيونا
تبصر الحسن
و تهواه حراكا و سكونا
وزمانا ، و مكانا ،
و شخوصا و شؤونا
فارتقى الخلق
و كانوا قبله لا يرتقونا
واستمر الحسن في
الدنيا و دام الحبّ فينا
*
إنّه روح كريم لبس
الطين المهينا
و نبيّ بهر الخلق
و ما أعلن دينا
يلمح النّجم خفيّا
و يرى العطر دفينا
و يرينا الطّهر حتّى
في النّجاة الآثمينا
و يحسّ الفرح الأسمى
جريحا أو طعينا
كلّما شاعت دماه
أملا في البائسينا
*
من سواه فيه
وقار الناسكينا
من سواه عابد
فيه جنون الثائرينا
من سواه عانق
الله يقينا لا ظنونا
من ترى إلاّه يحيا
نغمات و لحونا
من ترى إلاّه يفني ذاته
في الآخرينا
*
لو أبى الله علينا
و هليه أن يكونا
عادت الأرض و هادا
شاحبات و حزونا
ترتدي الوحشة و الهول
ضبابا و دجونا
و أقاحيها هشيما
لا أريجا و فتونا
و سواقيها سرابا
هازئا بالظامئينا
و شواديها دمى
خرساء تؤذي الناظرينا
و استفاق الجدول الحالم
غيظا و جنونا
و استوى النهر على
وجه الثرى جرحا ثخينا
وانطوت دنيا الرؤى فيها
و مات الحالمونا
*
أي و ربّي لو مضى
الشاعر عنّا لشقينا
و لعشنا بعده في
غصص لا ينتهينا
ولأمسى الله مثل
الناس مغموما حزينا !
*
زعموا ولّى و لن يرجع
ويح الجاهلينا
لم يمت من كان لله
خليلا و خدينا
عاش حينا و سيحيا
بعدما غاب قرونا