مات الكنار فموته أشجانا - ابراهيم الأسود

مات الكنار فموته أشجانا
وتفطرت لفراقه احشانا

فتكت يد الموت الزؤام به وقد
لان الحديد وقلبه ما لانا

قد خانه طب ابن سينا وهو في
كل الحياة بعهده ما خانا

ما كان احلاه واشجى صوته
في السمع لما ينشد الالحانا

قد كان ما بين الطيور اميرها
واجلها قدراً واسمى شانا

قد كان يهزأ بالطيور ولم يبل
بنسورها ويروع العقبانا

كم كنت انظره طليقاً سابحاً
في الجو يملأ صوته الوديانا

كم كان يطربني بكل عشية
تغريده ويبدد الاحزانا

كم كان ينظم في الصباح قصيدة
أغدو بسحر بيانها نشوانا

كم كان وهو على الاريكة جاثم
يجلو الصدى وينور الاذهانا

ويد الجمال كسته ابهى حلة
باهى بها الياقوت والمرجانا

لله عهد للكنار قضيته
بجواره متهللاً جذلانا

لا تعجبوا يا اهل ودي ان تروا
في القلب بعد فراقه خفقانا

فهو الذي قد كان يؤنس وحشتي
ويكون لي في خلوتي سلوانا

يجلو على سلافة من صوته
تجلي الهموم وتطرد الاحزانا

ولطالما عفت المطالب دونه
لم ارض بالدنيا له اثمانا

كم من كنار بعدما نزل القضا
قد جاءنا متوجعاً ولهانا

يبكي لفقد اخٍ عزيز كان في
الدنيا له ولسربه معوانا

اكنار يوهي بعض ما حملتنا
بعد الفراق من الاسى ثهلانا

سالت مدامعنا عليك دماً وقد
اضرمت طي صدورنا نيرانا

يا حاملا نعي الكنار لنا اتئد
فلقد هززت بنعيه لبنانا

وتركتنا حيناً نقلب راحة
اسفاً ونندب حظنا احيانا

يا اهل لبنان الكبير له اجعلوا
ورد الخمائل والربى اكفانا

وتسربلوا بردا الحداد له اسى
وادعوا رجال الدين والرهبانا

وابنو الضريح له رفيعاً واقرأوا
ما فوقه الانجيل والقرآنا

وله اقيموا في البلاد مناحة
وعلى الملاجئ وزعوا الاحسانا

مات الكنار فيا لها من نكبة
يا ليت يوم فراقه ما كانا

لولاه ما ابت الكرى عيني وما
اطلقت من نظم الرثاء لسانا

لكن عجزت عن الرثا ولو انني
انصفت صغت من الرثا ديوانا