بكيت عزيزاً كان نابغة العصر - ابراهيم الأسود

بكيت عزيزاً كان نابغة العصر
وكانت به الايام طيبة النشر

بكيت صديقاً لست اسلوه ساعة
بكل حياتي فالسلو اخو الغدر

أأسلو وهل اسلو نجيب ابن مشرق
وقد كان عوناً لي على نوب الدهر

نعاه لي الناعي فخلت حشاشتي
تذوب على شيء احر من الجمر

قضى وهو يقضي واجباً عن بلاجه
لدى البطرك السامي عريضة ذي الطهر

وقد كان مثل البحر اذ ذاك مده
على الناس يزجي غاليات من الدر

اذا برياح الموت تحبس جريه
فيصبح بعد المد في قبضة الجزر

وتخفت منه الصوت وهو مغرد
ومن دونه في الشد وشاديه القمري

لذلك ضاق الحبر ذرعاً وجاده
بصيب رضوان كهامية القطر

فبئس الليالي لا تزال صروفها
تحول عيش المرء حلواً الى مر

لقد كان كالتوريد في وجنة العلا
وقد كان ملء العين في اللطف والبشر

وقد نال بالتأييد منصب سؤدد
به كان في لبنان ممتثل الامر

امام محاريب البيان ومن غدا
المبرز في المنثور منه وفي الشعر

على شعره من ريق الزهر بهجة
ومن بابلي السحر رائعة السحر

لقد سار في لبنان بالامس نعيه
فلم يبق فيه واحد باسم الثغر

وحزناً عليه قد بكاه بارزه
وحق السما تبكي بانجمها الزهر

لقد غاب عنا الانس مذ غاب بدره
وما حال سارٍ ليله فاقد البدر

فهل يعلم القبر الذي ضم شخصه
بما ضم من مجد اثيل ومن فخر

سابكي مدى عمري نجيب ابن مشرق
وان كنت لا ابكي نجيباً فما عذري

فيا مهجتي ذوبي عليه صبابة
ويا مقلتي جودي بادمعك الغزر

بني مشرق صبراً عليه وان يكن
به رزؤكم رزءاً يجل عن الصبر

وان يك طي الرمس امسى فانه
مدى الدهر حي في مآثره الغر