أَلدَمعُ مِن عَينَيَّ لَم يَذرِفِ - الياس أبو شبكة

أَلدَمعُ مِن عَينَيَّ لَم يَذرِفِ
إِلّا عَلى وَردِ الهَوى الأَشرَفِ

تِلكَ دُموعُ القَلبِ ذَوَّبتها
وَفي دُموعِ القَلبِ سرٌّ خَفي

كَم لَيلَةٍ أَحيَيتُها ساهِراً
ما من سَميرٍ لي سِوى مصحَفي

طوراً أُناجي نار سيكارَتي
وَتارَةً أَرنو إِلى الأَحرُفِ

وَفي فُؤادي من شجونِ الهَوى
ما في فُؤادِ الشاعِرِ الأَحنَفِ

يا ميُّ ما لِلأَهلِ من مَدخَلٍ
بَينَ كَسيرِ الجِفنِ وَالمدنفِ

نَحنُ لَنا في حُبِّنا شيمَةٌ
بِغَيرِ هذا الحُبِّ لم نكلفِ

فَليتركونا في مناجاتِنا
وَليَحفَظوا حرمَةَ حبٍّ وَفي

فَليَترُكونا نَجتَني حلمنا
بَينَ زُهور الفُلِّ وَالمضعفِ

يا دهرُ إِنّي لم أَزَل أَمرداً
أَمتَّ لي حَظّي وَلَم تَكتَفِ

ما فتحت أَزهارُه في الضحى
حَتّى أَحالَتها يدُ الحرجفِ

لي نَفَسٌ يعسر تردادهُ
كنورِ مِصباحٍ بَدا يَنطَفي

وَجَسدٌ أَبلى بهِ سَقمه
يَكادُ لَولا ثَوبِهِ يَختَفي

وَلي حَياةٌ حَظُّها أَسوَدٌ
نَظير لَيلى المُظلمِ المسدفِ

أَمسَيتُ من يَأسي أُحِبُّ الدُجى
فَفي الدُجى رَسمُ الحِمام الخَفي

حَتّى إِذا أَلفَيتُهُ راحِلاً
أَقولُ لِلظُلمَةِ فيهِ قِفي

رَبّاهُ لَم تَخلِقني تاعِساً
أَشكو وَما من سامِعٍ منصفِ

كَأَنَّني في الكَونِ جانٍ أَتى
بِحادِثٍ أَعيَبَ مُستَنكِفِ

وَلَيسَ ذَنبي غَير أَنّي فَتىً
أَحبَبتُ فيها حُسنها اليوسفي

أَحبَبتُ فيها روحها ساقِياً
وَرَدتها من أَدمُعي الذَرفِ

إِن كانَ عاراً ما دعوهُ الهَوى
فَإِنَّ هذا العار ما أَصطَفى