مَن أَنتِ يا بِنتَ الأُلى وَجدوكِ - الياس أبو شبكة

مَن أَنتِ يا بِنتَ الأُلى وَجدوكِ
في رَوضَةِ الدُنيا بِغَير شَريكِ

أَنتِ اِبنَةُ الشَرقِ المُكَلَّلِ رَأسه
بورودِ أُمكِ أَو سُيوفِ أَبيكِ

تَدعين قَيثاري وَقد حَطَّمتِهِ
لِيُحَرِّكَ الأَوتارَ في ناديكِ

يا زَهرَةَ الشَرقِ المضمَّخِ عُرفُها
يَلهو النَسيمُ بخصرِك المَفكوكِ

وَالبُلبُلُ الغَريدُ يَسكُبُ لحنَه
في كُمِّكِ المَفتوحِ لِلساقيكِ

الشِعرُ في أَلحاظِ عَينِك نائِمٌ
وَإِذا وَدَدتِ يُفيقُ بِالتَحريكِ

لكِن إِذا ما شاءَ لَحظُك أَن يُرى
في الشعرِ أَجمَلَ مَنظَرٍ يسبيكِ

فَتَأَمَّلي في الحَوضِ حسنَكِ مُشرِقاً
فَبَدائِع الأَشعارِ لا تحكيكِ

قَد أَفرَغَ البَدرُ المُنيرُ ضِياءُه
في خَيمَةِ الزَهر الَّتي تَأويكِ

وَإِلى الوسادِ مُذ اِستَنَدتِ لِراحَةٍ
بِالنارِجيلَةِ كلُّهم جاؤوكِ

أَدَنت يداك مِن اللمى نربيجها
متبطِّناً بِالزَنبَقِ المَحبوكِ

لَمّا نشقتِ أَريجَها بِتَدَلّلٍ
خفَقت عواطِف صَدرِها المنوك

إِنّي اِستعدتُ لَدُن رَأَيتُكِ صَبوَتي
فَوَجدتها أَشهى وَأَعذَبَ فيكِ

لكِن شَبابي وَالغَرامُ تَلاشيا
فَهُما كَنَفخَةِ دُخنةٍ من فيكِ

لَم أَنسَ يومَ عَلَوتِ متنَ مطهَّمٍ
وَكبحتِهِ بَين يَدَيكِ كَالصعلوكِ

وَأَشِعَّةً من بَدرِ لَيلكِ نَوَّرَت
ياقوتَ خنجَرِ خصرِكِ المشكوكِ

إِنّي قَطعتُ مِن الحَياةِ وُرودَها
وَرَمَيتُها في الشاطىء المَتروكِ

فَأَتَت غضابُ البَحر تَجرِفُها إِلى
اللجج العَميقَةِ بِالرِياحِ النوكِ

كانَت ورودُ الصَدرِ تَنفَح مُهجَتي
بِأَريجِ حبٍّ باسِمٍ وَضَحوكِ

كَم كُنتُ أَنشدتُ القَريضَ مسلسَلاً
لَو كانَ في العِشرينَ عمر أَخيكِ

لِعبارَةٍ أَو نَظرَةٍ من أَجلِها
عَبدَ الرجالُ الطهرَ مُذ عَبَدوكِ