عَينُ مَن هذِهِ الَّتي لا تَنامُ - الياس أبو شبكة

عَينُ مَن هذِهِ الَّتي لا تَنامُ
هيَ عَينٌ ضِياؤُها الآثامُ

آلَمَته ذِكرى فَتاةَ وَفي عَينَيهِ
من أَمسِهِ الأَثيمِ حِطامُ

وَعلى الشاطىءِ الكَئيبِ قَتامٌ
وَعَلى صُورَ وَحشةٌ وَقَتامُ

حاوَل النَومَ غير أَن طُيوفاً
جاوَرَت عَينَه وَفيها اِنتِقامُ

فَنَبا عَن فِراشِهِ كَأَثيمِ
أَيقَظَته من نَومِهِ الأَحلامُ

إِنَّ عَينَ الأَثيمِ جُرحٌ عَميقٌ
قَذِرُ الجانِبَينِ لا يَلتامُ

وَتَراءَت لَهُ مَجاري الوادي
كَسَرير يَغيمُ في الأَبعادِ

فَبَكى ذاكِراً عُذوبَةَ ماضيهِ
وَحبّا مَضى مَعَ الاِورادِ

قالَ ما حَلَّ بِاللَيالي الخَوالي
كَيفَ عائَت بِها يَدُ الجَلّادِ

وَتَلَوّى يَصيحُ وَيحَ ضَميري
لَيسَ هذا الجَلّاد إِلّا فُؤادي

طَرَحتكَ السَماءُ عن قَلبِ غَلواءَ
كَفَرعٍ رِجسٍ من الأَجسادِ

خائِنَ الحُبِّ ان حُبَّكَ دونٌ
فَاِحتَجَب فيهِ عن عُيون العِبادِ

ثُمَّ سادَت سَكينَةٌ وَتَوارَت
جُزُرُ النورِ في الفَضاء الرَمادي

لَم بَرَ الفَجرَ غاسِلاً بضياهُ
هَضابِ المَدينَةِ المَردومَه

وَقِبابَ الأَبراجِ يوقِظُها النورُ
كَجِنِّ عَلى قُبورٍ قَديمَه

فَرَّ لَم يَلتَفِت كَشَعبِ سَدومٍ
حينَما أَحرَقَ الإِلهُ سَدومَة

مُزجَ النورُ بِالدُجى حينَ خَطَّ الفَجرُ
في صَفحَةِ السَماءِ رُسومَه

كَضَميرِ الأَثيمِ يَشمِلُهُ الصَفحُ
وَتَبقى من وَخزِهِ جُرثومه

فَأَطَلَّت غَلواءُ من كُوَّةِ الخِدرِ
وَفي نَفسِها شُجونٌ عَظيمَه

قالَت الفَجرُ شاحِبٌ مِثلُ وَجهي
وَأَليمٌ ساهٍ كَنَفسي الأَليمَه

أَيُّها العُمرُ كم تَعُدُّ صَباحاً
بَعدُ لي في أَيّامِكَ المَحطومَه