ماذا تُسَرُّ إِلى القمر - الياس أبو شبكة

ماذا تُسَرُّ إِلى القمر
يا أَيُّها الطَيرُ السَجين

هَل أَنتَ مِثلي في السَهر
تَشكو عَذابَكَ لِلسِّنين

أَم تَشتَكي ظُلمَ البَشَر

في قَلبِكِ العاني الكَسير
سِرٌّ تَوارى في الدُجى

وَحَواجِزُ القَفصِ الصَغير
قَد أَطفَأَت نورَ الرَجا

لَمّا غَدَوتَ بِهِ أَسير

قَد كُنتَ حُرّاً مُطلَقا
في جَوِّكَ الصافي الوَسيع

تَشدو هِيامَك شَيِّقا
لِأَريجِ زَهرِكَ في الرَبيع

وَتَؤُمُّ غُصناً مورِقا

قُل ما تُسَرُّ إِلى الظلام
وَالزَهرُ فيهِ سامِعه

وَالقَومُ كلُّهُم نِيام
حَتّى الطَبيعَةُ هاجِعَه

حَتّى فُؤادي المُستَهام

أَسألتهُ ماذا يَرى
في ذلِكَ الغاب الكَثيف

وَعَلى الهِضابِ وَفي الذَرى
وَهناك في الحَقلِ اللَطيف

حَيثُ النَسيمُ تكوثرا

أَسأَلتهُ هَل باقِيَه
تِلكَ النَضارَةُ في الحُقول

وَمِياه تِلكَ الساقيه
وَرسوم هاتيك الطلول

وَزُهور تِلكَ الرابِيَه

وَرِفاق ساعاتي العِذاب
سمّار قَلبي الشَيِّقِ

هَل أَصبَحت قَيدَ العَذاب
في مِثلِ سِجني الضَيِّقِ

أَم لا تَزالُ عَلى الهِضاب

أَسَأَلتهُ عَن طائِرِ
في كُلِّ لَيلٍ أَو صَباح

فَوقَ النَسيمِ السائِرِ
حَملَ الطَعامَ عَلى الجناح

وَأَتى بِهِ لِأَصاغِرِ

تِلكَ الصغار شَقائِقُ
لَكَ يا شَبيهي في المحن

أَنتَ الأَسيرُ الخافِقُ
كَخفوقِ قَلبي في البَدن

وَالفَرقُ أَنّي عاشِقُ

يا طَيرُ إِنَّك في الأَلَم
رَمزٌ لِهذا المرقمِ

يبكي وَينحبُ بِالنَغَم
وَبِمَدمَعٍ من عَندمِ

وَفُؤاد ظالِمِه أَصم

فَطُيورِ عِشِّكَ تَرقدُ
حَتّى يُفاجِئَها الصباح

وَلَدُن تَفيقُ تغرَّدُ

يا طَيرُ ما تَستَنظِرُ
في الحَقلِ وَاليَوم الشتاء

أَتُراكَ لا تَستأسرُ
وَلَو أَنَّ عِندَك ما تَشاء

وَتُحِبُّ مَن يَتَحَرَّرُ

وَلما تَرى أَبقى لَنا
من ريش حُسنِك جانِحاك

أَلكي يذكِّرنا الغِنا
ءَ لَعَلَّنا نبكي غناك

وَلعَلَّنا وَلَعَلَّنا

يا طَيرُ إِنَّكَ صادِقُ
وَالمَرءُ غَدّارٌ كَذوب

فَإِذا عَشِقتَ فَعاشِقُ
تَضع الصَداقَةَ في القُلوب

وَالمَرءُ باغٍ فاسِقُ