وارحمتا لي من صروف زماني - جبران خليل جبران

وارحمتا لي من صروف زماني
انى رمت رامت سهام مكاني

إني لأسأل والرفاق تحملوا
أترى يطيل عذابي الملوان

من مبلغ السلوان مقروح الحشى
سدت عليه مسالك السلوان

منعاك يا عبدالعزيز أمضني
واضاف أشجانا إلى أشجاني

فاجأتني بالنأي قبل أوانه
هل حرقة كالنأي قبل أوان

أتسوء إخوانا ملكت قلوبهم
ظرفا وكنت مسرة الإخوان

رب البيان وأنت بالغ شأوه
أعجزت بالسبق البديع بياني

آدب يخال مطالعو آياته
أن الكلام مثالث ومثان

فقت الذين أخذت عنهم يافعا
وبززت من جلو من الأقران

هذا بإجماع فماذا عارضت
دعوى دعي من سنى البرهان

لا خير في زمن إذا ما طاولت
فيه الصعاد عوالي المران

أحدثت اسلوبا وكنت إمامه
وبقيت فذا فيه ما لك ثان

جمع السهولة والجزالة لفظه
تتخالفان حلى وتأتلفان

ديباجة عربية مصرية
نقشت برائعة من الألوان

من للنوادر تجتني منها النهى
ما تشتهي من يطبات مجان

من للبوادر لا يجود بمثلها
قبل الروية أحضر الأذهان

من اللدعابة وهي قد قرنت إلى
حلم الشيوخ تراهة الشبان

إن ثقفت لطفت وفي ضحكاتها
إيماض برق لا انفضاض سنان

نهل تساقاها القلوب فتشتفي
غلل وتفضي للقلوب أمان

بدوات ألبق كاتب زمدث
صافي البداهة بارع التبيان

في جده ومراحه متصرف
بيراعة خلابة ولسان

أخلا من البشري عصر لم يكن
يه على ذاك المثال اثنان

شخص قليل ظله
طاوي الحشى يمشي فلا تتوازن الكتفان

طلق المحيا إذ تراه وربما
نمت بكامن دائه العينا ن

حبت ملامحه بمسحة أدمة
هي من منا إن شئت أو عدنان

وبعارضيه الهابطين ولمة
شعثاء لم تلمم من الثوران

ومضنة يطوي عليها صدره
وكأنه أبدا عليها حان

من ذلك التمثال لاحت للورى
آيات أي حجى واي جنان

حسن المنارة في سطوع ضيائها
لا في زخارفها ولا البنيان

أما خلائقه فقل ما شئت في
جم المروءة راسخ الايمان

ما ضاق صدرا وهو أصدق مسلم
يتخالف الاراء والأديان

نعم الفتى في غيبة أو مشهد
نعم الفتى في السر والإعلان

بالعدل يقضي في الحقوق بوالندى
يقضي حقوق الأهل والجيران

يسعى كأدأب من سعى لمهمة
مهما يجشم دونه ويعان

متشمرا بغدوه ورواحه
عجل الخطى مسترسل الأردان

لو كان ما في جده في جده
لعلت مكانته إلى كيوان

لكنه لم يلف يوما عاتبا
أو طالبا ما ليس في الإمكان

ورعى حقيقة نفسه وأجلها
عن أن تبدل عزة بهوان

ما منصب فوق المناصب أوغنى
فوق المطالب غاية الفنان

مهما يزاول فالكرامة عنده
هي في إجاته وفي الإتقان

ماذا يكون سليل بيت صالح
عالي المنارة باذخ الأركان

الواد الشيخ الرئيس وولده
سرواه في أدب وفي عرفان

صبرا جميلا يا أخاه وأنت من
بحجاه يدرك حكمة الرحمن

كم في القضاء تلوح للفطن الذي ولي القضاء سرائر ومعان

وعزاءكم بيا آله إن الذي
تبكونه في نعمة وجنن

وعزاءكم يا معجبين بفضله
فيما دنا وناي من الأوطان