القبو - إبراهيم محمد إبراهيم

(1)
أغلقْتُ البابَ :
توحدْتُ بدُنيايَ .
أشرعتُ البابَ :
تلاشيتُ بدُنيا الناسْ .
(2)
رِجلايَ تولدانِ
من جديدْ .
فرُحتُ أسرِعُ الخُطَى ،
مُسْتَشْعِراً مناخَ
حتفِيَ الأكيدْ .
(3)
وحدي بهذا القَبْوِ
لا جِنٌّ ولا بشرُ ..
فإلامَ أنتظرُ ؟
لولا نداء العُمقِ أيقظَني ..
صَهْ :
أنتَ تُحتَضَرُ .
(4)
حين تكونُ الّلوحةُ مرسومةْ :
أقرأُ فيها قلبَ الرّسامِ ،
وأترُكُها ..
أما إنْ كانتْ بيضاءَ
كلونِ الثلجِ ،
فأقرأُ فيها قلبَ الكونِ ،
ولا تترُكُني ..
(5)
من قالَ :
لن تعيشَ كما تريدْ ،
أخرجني من وهميَ القديمِ
نحوَ وهميَ الجديدْ .
(6)
من قالَ :
أنّ الشّعرَ لا يموتْ :
أراحني من صَخَبِ السّكوتْ .
(7)
أحذيةُ الدّقائقِ الصّغيرةْ :
تَمُرُّ فوقَ جَبْهَتي ،
كأنّها الخُيولْ .
تَسحَقُ ألفَ فكرةٍ كبيرةٍ
بوقعِها العجولْ .
تحملُ ألفَ فارسٍ
وألفَ سيرةٍ وسيرةْ .
أحذيةُ الدقائقِ الصّغيرةْ .
(8)
وأنا أرفعُ رأسي ،
موغِلاً في الغيمِ والشّعرِ
تذكّرتُ طواويسَ وعسكرْ .
فتواضعتُ لفَقْري ،
ورفعتُ الرأسَ أكثرْ .
(9)
مرّ بي ،
ثم لوّحَ لي من بعيدٍ بيُمناهُ :
أنْ غُضَّ طرفَكَ عنّي .
أنا لنْ أعودَ إلى الخلفِ ،
لنْ أشربَ القهوةَ الباردةْ .
كانَ ذاكَ الفتى المُتَمَرِّدُ :
عُمري الذي حَطَّمَ الطّوقَ ،
وانْسَلَّ كالنّسمةِ الشّارِدةْ .
(10)
قبلَ أنْ أرفعَ في الظُّلمةِ صوْتي ،
هالَنِي الصّمتُ ،
وأحْسَسْتُ بِموتِي .
(11)
وأنا أومئُ للرّكبِ
بِكَفِّ العَفْوِ ،
عانقْتُ زَماني ..
فبقيتُ مكاني .
(12)
وأنا أقذِفُ بالسّاحِلِ في اليَمِّ ،
تذكّرتُ الطيورَ العائِدةْ .
فتأسّفْتُ ،
ولكنْ ،
دونَ أدنى فائدةْ .