يا ترب عصرك بيتي - جبران خليل جبران
يا ترب عصرك بيتي
في رحمة المتعالي
حييت خير حياة
وألت حير مآل
بضع وتسعون مرت
من السنين الطوال
بما أمرت وأحلت
أيامها والليالي
قضيتها في وقار
وبنت في إجلال
يبكيك نسل كثير
أنجبته للمعالي
بين الكهول وبين
الشباب والأطفال
أهلة وبدور
من فتية ورجال
وأنجم وشموس
من عفة وجمال
تفاوتوا طبقات
في السن لا في الكمال
قد كنت أما وزوجا
في الناس خير مثال
وما عرفت بغير التقوى
وحسن الخلال
لم ينقطع لك جهد
في صالح الأعمال
في كل يوم تجدين
آية من نوال
آنا ببيض أياد
تسدى وآنا بمال
وإبرة لك فيها
آيات سحر حلال
صرفتها في ضروب
من برك المتوالي
كم حكمت سترا ودفئا
لنسوة وعيال
وصغت في سعة الوقت
زينة للآل
لقد أصبت نصيبا
من ذلك الإفضال
ثوب كأنك فيه
نسجت لمح اللآلي
أعاد لي من فوات
نضارتي واختيالي
تالله إن أنس لا أنس
طيب تلك الفعال
ولا أحاديث أوعت
محاسن الأقوال
يجري بها لفظك العذب
شافيا كالزلال
في كل وقت لها موقع
وفي كل حال
زانت بديع حلاها
مضارب الأمثال
ورائعات الأقاصيس
عن عصور خوال
مما الحقيقة فيه
تزهى بثوب خيال
أليوم أخطرها البين
كلها في بالي
وسلسلتها دموعي
على ثراك الغالي