لك في ارتجال جلائل الهمم - جبران خليل جبران
لك في ارتجال جلائل الهمم
ما عزل ونبغيه في الكلم
حتى كأن نجاز موعدها
بعض العهود عليك والذمم
ولقد نبيت مبرحا بك من
ألم ولا تشكو من الألم
وسواك يسئمه الكفاح وما
بك في كفاح الدهر من سأم
لله ما احدثت من غرر
طاب الحديث بها لكل فم
أضحت صحافتنا تتيه على
أخواتها في أرفل الأمم
أيدتها تأييد ذي ثقة
من نفسه بالحق معتصم
كم خاف صولتها فإللها
باغ إلى أن باء في ندم
ذات الجلالة ليس ضائرها
مر السحاب وظل محتكم
تاريخها في مصر مذ نشأت
تاريخ جهد غير منفصم
افدح بما عانته صابرة
من مرهق المثلات والنقم
هي نورت أذهان أمتها
إذ كانت الأذهان في ظلم
هي أيقظتها بعد طول مدى
من هجعة كانت بلا حلم
هي علمتها ما الحياة وما
يوحيه مجد النيل والهرم
هي باليراعة والصحيفة قد
أغنت غناء السيف والعلم
فاليوم أنصفها وايدها
علم رعاه الله من علم
شرفا علي فما فتئت على
عهد الشجاعة فيك والشمم
لا تطرق الاصلاح عن عرض
بل تطرق الاصلاح من أمم
أعددت للدستور عدته
ولاحظ الأحقاد لم تنم
عجلا إلى الغايات تطلبها
بمضاء لا وإن ولا برم
صرح لعزة مصر ترفعه
وأساسه متخفضل بدم
لن يبلغ الصياد مأربه
ممن يلوذ بذلك الحرم
الداخلية دوحة هرمت
وذوت نضارتها على الهرم
جددتها والخير أجمع في
تجديد ما أعيا من القدم
فضمنت صحتها مشذبة
وأزلت ما استعصى من السقم
إجعل ثقاتك للقرى حكما
وابسط مجال البت للحكم
قدس القضاء رجعت فيه إلى
ذكر العليم وخبرة الفهم
تبغي صيانته وترفعه
شأنا إلى العليا من القمم
لا تبق في نفس به اضطلعت
من حاجة تعدل وتستقم
كشف المظالم لا يرام إذا
ما رمته من كف مهتضم
تلك القوانين التي اقترفت
في كل شعب غير ملتئم
شئت التئام شعابها ولما
تبغيه سر غير مكتتم
بل حكمه أنيستشف مدى
غاياتها من أبلغ الحم
قدتم الاستقلال مدرجة
هي وحدة التشريع والنظم
نعم المولى والزمان رضا
هذا الأبي الطاهر الشيم
لبق بلا مذق ولا ملق
سمح بلا ريب ولا تهم
إن تنتدبه تجده منتدبا
أبدا لكل مبرة عمم
أو تدعه للرأي تلف له
فيه جلاء الصارم الخذم
عجز البيان وقد هممت به
عن أن يحيط بذلك العظم
هيهات يبلغني المرام وما
انأى مناط الشمس إن يرم