رَقَصَت بِكَ العَليا تجرُّ ذُيولا - خليل الخوري

رَقَصَت بِكَ العَليا تجرُّ ذُيولا
وَجَلتكَ فَرداً في العِبادِ جَليلا

فَطَلَعتَ في الآفاقِ بَدرَ جَلالَةٍ
صاغَ الكَواكِبَ في العُلى إِكليلا

ما لِلمَحامِدِ عَن مَقامَكَ مصرفٌ
كَلا وَلا لِلمَجدِ عَنكَ سَبيلا

أَخُلاصةَ الشَرَفِ المفيض عَلى المَلا
حِلماً بِهِ يَنفي العَليلُ غَليلا

أَنتَ الَّذي خَضَعَ الزَمانُ لِعِزِهِ
بَينَ العِظام يَزيدهُ تَبجيلا

قالَت لَكَ الأَكوانُ وَهِيَ مُصيبَةٌ
إِني لِذاتكَ ما رائَتُ مَثيلا

بَشِّر شُعوبَكَ لا يَزالُ محمَّدٌ
فيما يُبشِّرُ صادِقاً وَكَفيلا

إِن فاتَ تونس نيل مصر فَأَنتَ قَد
أَجرَيتَ مِن فَيض المَكارِمِ نيلا

فَدَعَوتُها الخَضراءَ وَهِيَ نَضيرَةٌ
في ظِلكَ العالي تَبين حَجولا

ما كَدَّرتها فِتنَةٌ بادَرتها
في هِمَةٍ تَدعُ الأَبيَّ ذَليلا

أَنّي وَفي شَفَتَيكَ أَحكام القَضا
مَن شِئت فازَ وَمَن أَردتَ أُزيلا

قَومٌ طَغوا جَهلاً فَقُمتَ مُؤَدَباً
حَتّى أَزَلتَ عَن النُفوسِ خُمولا

أَينَ الفَرارُ وَفي يَمينكَ صارِمٌ
صاغَتهُ مَقدِرَةُ الإِلَهِ صَقيلا

مِن نور رَبِكَ في صَفائِحِهِ السَنى
وَبِحَدِهِ حلَّ الحَمام نَزيلا

فَإِذا فَتَكتَ فَعادِلٌ في حُكمِهِ
وَإِذا عَفَوتَ فَمانِحٌ مَأمولا

شَمَلَت مَهابتُكَ المَلا فَخُضوعهم
طَوعاً عَن العِصيانِ كانَ بَديلا

هَل يُثبِتون بِهِ وَلَحظك إِن بَدا
لِلأَرض عَن سَخطٍ تَميلُ مَميلا

أَرائتَ صفرة وَجهِهم خَجَلاً بَدَت
أَم ذاكَ خَوفٌ هَبَّ فيهِ مَحيلا

أَهنى بِتَوطيد الصِيانَة لِلمَلا
وَاِسكُب لحلمك في البِلادِ سُيولا

فَبِلادكَ الغَراء أَنساها الهَنا
خَطباً يَسميهِ سِواكَ ثَقيلا

وَالأُفق مِن بَعد العَواصف يَنجَلي
نوراً وَيَلبَسُ عَسجداً مَحلولا