في مثلِ ذاتِكَ حَقاً تَفخَرُ الدُوَلُ - خليل الخوري

في مثلِ ذاتِكَ حَقاً تَفخَرُ الدُوَلُ
وَمِثلُ فَضلِكَ ما يَسري بِهِ المثلُ

أَنتَ الهِمامُ الَّذي جَلَّت مَهابَتُهُ
حَتّى تَجَلل مِنها السَهلُ وَالجَبَلُ

ما زِلتَ تَرمقنا بِالحُبِّ عَن بُعُدٍ
وَنَستَمليكَ حَتّى أُدرِكَ الأَمَلُ

فَقَد قَرَبتَ وَقَرَّبنا حَشاشَتنا
إِلَيكَ تَقدِمَةً لَم يَثنِها بُخُلُ

لَما رَآكَ مَليك الأَرض شَمسُ هُدىً
في مَشرِقَ السَعدِ لَم يَعهَد لَهُم طفَلُ

أَلقى إِلَيكَ مَقاليد العُلى ثِقَةً
بِأَن حَزمكَ تَستشفي بِهِ العُلَلُ

وَقَد لَبستَ طِرازاً مِن وِزارَتِهِ
وَمثل شَخصِكَ مَن تَزهو بِهِ الحُلَلُ

فَجئتَ في عَرَباتِ النور راكِضَةً
تَحتَ الأَثيرِ وَخَدُّ الشَرق يَشتَعِلُ

تَسعى مِن الحَرَمِ الأَقصى إِلى حَرَمٍ
شَيَّدتَهُ فَغَدا بِالأُفقِ يَتَصِلُ

حَلَلتَ في قُطرِنا تَزهو عَلى فَلَكٍ
مِن السَعادَةِ فَاعتَزَت بِكَ الحِلَلُ

فَإِلقِ الصِيانَةِ في أَقطار مَملَكَةٍ
أَلقَت إِلَيكَ يَدَيها وَهِيَ تَبتَهِلُ

إِن الإِصابَة في أَعمالِكَ اِمتَزَجَت
فَلا يَدَنِسُها لَومٌ وَلا عَزلُ

يَجلى الظَلامُ بِفَيضٍ مِن هَداكَ وَمِن
إِقدامِ حَزمِكَ يُنفي الحادِثُ الجَلَلُ

في أُفُقِ كَفكَ فَوقَ الخَلقِ مُرتَفِعٌ
يَراعُ فَضلٍ فَماذا تَنفَع الأَسلُ

سَكران في الطُرسِ يَجري وَهُوَ مُنضَغِطٌ
لِأَنَّهُ مِن سَلاف الحَق مُنتَهِلُ

مُجَرَّدٌ في يَمين الشَرعِ مُشتَهِرٌ
إِذا قَضا فَالقَضا لِلأَمرِ مُمتَثِلُ

مَولاي خُورشيدُ لِلعَلياء أَنتَ فَتىً
مِن الرَجاء إِلَيهِ تَنتَهي السُبُلُ

أَنّي بَدَوتَ تَرى التَأمينَ مُنتَشِراً
مَع السُكونِ فَلا طَيشٌ وَلا خَلَلُ

شَيدتَ لِلمَجدِ بَيتاً مِن دُعائِهِ
رُكن التُقى وَالهُدى يا أَيُّها البَطَلُ

وَلِلعَفافِ مَناراً فَوقَهُ لَمَعَت
أَنوار فَضلكَ فَاِستَهدَت بِها المُقَلُ

ما أَنتَ فيما بَدَوتَ الآنَ مُتَشِحاً
فَفي صِفاتك حارَ الفكر يَشتَغِلُ

بَحرٌ سَحابٌ غَمامٌ نَعمَةٌ أَسدٌ
بَدرٌ شِهابٌ حُسامٌ دُرَّةٌ رَجُلُ

وافيتَ بِالمَجدِ وَالإِقبال فَاِبتَهَجَت
بِكَ العِباد وَفاضَ السَعدُ يَنهَمِلُ

مَسَرَةٌ في قُلوبِ الخَلقِ لاعِبَةٌ
خَليل عُلياكَ مِنها شارِدٌ ثَملُ

بُشراكِ بَيروتُ قَد وافاكِ رَبُّ ذَكاً
شُجاعُ قَلبٍ بِهِ مِن رَبِّهِ وَجَلُ

يَسقي الجَميعَ شَراباً مِن عَدالَتِهِ
وَقَد تَساوَت إِنصافِهِ لَدى المِلَلُ

لا يَسبِقُ السَيفُ في أَعمالِهِ عَزلاً
وَيَسبقُ القَولَ مِن أَفعالِهِ العَمَلُ

لَما أَتى وَبَدَت أَقمار دَولَتِنا
عَلى التَداوُلِ في الأَبراج تَنتَقِلُ

قالَ المَليكُ كَما قَد أَرّخوهُ لَهُ
الشَمسُ أَنتَ وَصيدا بِالعُلى الحَملُ