وَازروها بِالبُكا لا بِالتَعازي - خليل الخوري

وَازروها بِالبُكا لا بِالتَعازي
إِن هَولَ الحُزنِ بِالأَحشاءِ غازي

قَد أَذابَتها حَقيقات الأَسى
فَاِترُكوها مِن عِبارات المَجازِ

عِندَها كانَ هِزارٌ فَاِنثَنى
طائِراً هَل بَعدَهُ تَصبو لِبازِ

خَطَفتُهُ نائِباتٌ فَاِختَفى
شارِداً يَسلُكُ في أَقصى مَجازِ

غُصنَها الغَضُّ أَمالَتهُ الصِبا
فَاِنثَنى إِذ كانَ في غَير اِرتِكازِ

طالَما جارَت عَلَيهِ فَسَرى
يَخلَعُ النير طَلوباً لِلمَفازِ

فَاِنتَهى عُمرُ هَواها عِندَهُ
كُلُّ شَيءٍ في البَرايا لِلنجازِ

كُلُ مُلكٍ ضائِعٌ أَو ساقِطٌ
إِن مَشى مالِكهُ دونَ اِحتِرازِ

مَزَّقت أَثوابَها غَيظاً عَلى
فَقَد مَأسورِ الهَوى بَعدَ اِحتيازِ

أَوشَكت تَخدشُ وَجنات السَما
وَتَشُقُّ الصَدرَ مِن تَحتِ الطِرازِ

غيرَة الغادة لَو تَدرونَها
لا تَقيتم فَتكَها يَومَ البُرازِ

هاجَمَت عَينُ سِواها عَينَهُ
فَسَبَتهُ تَحتَوي خَيرَ اِكتِنازِ

مُذ رَأَها وَهِيَ تَدعو للصَفا
بادر الفُرصة في خَير اِنتِهازِ

فَرَأى ذاتَ جَمالٍ باهِرٍ
تَخجل الغُصنَ بميدٍ وَاِهتِزازِ

كَتَبَ الحُسنُ عَلى أَلحاظِها
إِحفَظوا الأَرواحَ مِن فَتكِ الغَوازي