فَتكاتُ عَينكِ أَم مَراشِفُ فيكِ - خليل الخوري

فَتكاتُ عَينكِ أَم مَراشِفُ فيكِ
ذَهَبَت بِعَقلِ خَليلكِ المَشبوكِ

ما كُنتُ قَبلَ هَواكِ أَعرَفُ سَكرَةً
تَنفي الهُدى وَالرُشد لا وَابيكِ

وَمِن العَجائب أَنَّني حال الهَوى
أَدري مَكانَكِ قادِراً آتيكِ

سَلَبوكِ مِن كَفي وَجَدوا في السَرى
شَلَّ الحُسامُ أَكُفَّ مِن سَلَبوكِ

وَجَلوك عَن بُعدٍ فَهَبَت نَخوَتي
حَتّى إِذا أَدرَكتُهُم مَنَعوكِ

وَحَموكِ لَيسَ بِصارِمٍ لَكِنَّهُم
بِنِبال لَحظاتِ الرَقيبِ حَموكِ

وَاللَهُ ما مِنهم مَنَعتُ مَخافَةً لَكن
مَخافة شامِتٍ يَشنوكِ

ما أَنتِ صائِدَةِ الأُسود بِنَظرَةٍ
تُدمى فَكَيفَ ثَعالِبٌ صادوكِ

خافوا عَلَيكِ فَخوَّفوكِ مِن السوى
لَما تَزايد خَوفَكِ اِتَهموكِ

إِن يَتَهِموكِ فَما خَليلكِ ساقِطٌ
لَكِنَهُ الصَبُّ الخَليقُ بِفيكِ

وَكَأَنَّهُم راموا عَذابَكِ حَيثُما
بِسهام طَيشِ ظَنونهم رَشَقوكِ

هَل أَنتِ مُلكهُم المُقيم برقهم
وَاللَه ما بِأَكُفِهم جَبَلوكِ

لَكنَّ ضعفاً في فُؤادِكَ يَقتَضي
التَسليم ذُلّاً لِلأُولى حَجَبوكِ

أَمميتةَ الدَنفِ المُصابِ بِسَيرِها
هَلا التفتِّ لِخلكِ المَتروكِ

حَجَزوكِ ما حَجَزوا عُيونَكِ أَنَّها
حَرَكاتِها تَجري بِدونِ شَريكِ

ما حالَ ذياك القِوام وَما اِنَجَلى
لِنِظام لُؤلؤِ ثَغرِكِ المَحبوكِ

ما حالُ وَرد الخَد ظَلَّ بِنَضرَةٍ
فَالشَوك ظَلَّ بِقَلبيَ المَضنوكِ

ما حالُ معصَمكِ الَّذي فارَقتُهُ
يَسبي النُهى بِلجينهِ المَسبوكِ

هَل دامَ قَلبُكِ حافِظاً لِعُهودِهِ
فَعَلى فُؤادي الحُبُّ خَطَّ صُكوكي

هَل تَذكُرينَ عُهودَنا يَومَ الوَغى
وَالأَرضُ تَجفل للدم المَسفوكِ

وَالشَمسُ مُظِلِمَةٌ وَوَجهُكِ باسِمٌ
وَالناسُ تَظمَأ وَالهَنا يَرويكِ

يَومٌ بِهِ اِختَلَسَت جَوارِحُنا المُنى
لَما أَحاطَ الهَول في ناديكِ

بي كُنتِ لاهِيَةً وَكانَ الخَطبُ في
الآفاقِ يُلهي عَنكِ مِن رَقبوكِ

نَنَسى مَواقِعُنا وَنَهزَأُ بِالمَلا
وَتَرى عَبوس الدَهر ثَغر ضَحوكِ

ما لي وَما لِلنازِلات إِذا بَدا
كَفي بِكَفكِ وَالعُلى حاميكِ

أَسَفا فَكفكِ لا سَبيل لِلَمسِهِ
بَعدَ التَحجُب حَيثَما أَخفوكِ

أَدعوكِ لا أَدعوكِ دَعوَةَ طامِعٍ
لَكنما صَوتُ الرَجا يَدعوكِ

قَطع الرَجا لَكنَّ تَخليد الهَوى
طَي الحَشا يَقضي بِأَن أَرجوكِ

وَأَرى بِذاتكِ لا مُجيباً لِلهَوى كَلا
وَلا مَنعاً لِمَن يَقفوكِ

فَإِذا اِبتَعَدتُ أَعدُّ عِندَكَ مُجرِماً
وَإِذا دَنَوتُ أَرى النفار يَليكِ

قَد حِرتُ في طُرقِ السلو مخيباً
بِاللَهِ سُؤلي ما الَّذي يَرضيكِ

بِكِ حُرقَتي وَلهي وَحرّ صَبابَتي
لَكِ مُهجَتي في مُهجَتي أَفديكِ

إِن كانَ قَد مَنعَ اللُقا فَتحيَّةٌ
مِن فيكِ تَنعشني وَسَعدي فيكِ