يَا مَنْ نَأَى عَنِّي - خليل مطران

يَا مَنْ نَأَى عَنِّي
وَكَانَ أَجَلَّ أَخْوَانِي وَصَحْبِي

وَجَزَعْتُ حِينَ فُجِعْتُ فِيهِ
أَنْ تَقَدَّمَ وَهْوَ تِرْبِي

فَاَقَمْتُ مُحْتَسَباً بِذِكْرَاهُ
وَمَا الذِّكْرَى بِحَسْبِي

الْيَومَ عَادَ بِنَا الزَّمَانُ
إِلَى مُلاَزَمَةٍ وَقُرْبِ

فِي صُورَتَيْنِ تُجَدِّدَانِ
حَيَاتَنَا جَنْبَاً لِجَنْبِ

يَا مَنْ يُقَلِّبُ فِيهِمَا
نَظَرَاتِهِ لاَ تَحْفِلَنْ بِي

هَذَا أَمِيرُ الشِّعْرِ وَالشُّعَرَاءِ
مِنْ عَجَمٍ وَعُرْبِ

هَذَا الَّذِي نَظَمَ الرِّوَائِعَ لِلْنُّ
هَى مِنْ كُلِّ ضَرْبِ

هَذَا الَّذِي آثَارُهُ
مَسْطُورَةٌ فِي كُلِّ لُبِّ

وَهْوَ الَّذِي بِبَيَانِهِ
يَهْدِي وَبِالإِيقَاعِ يَصْبِي

لَمْ يَدْعُ دَاعٍ لَمْ يَجِبْهُ
ذَلِكَ الْوَحْيُ المُلَبِّي

فَهُوَ المُنَادِمُ وَالمُفَاكِهِ
وَالمُعَلِّمُ وَالمُرَبِّي

تِمْثَالُهُ مِنْ مَعْدَنٍ
وَمِثَالُهُ فِي كُلِّ قَلْبِ

للهِ دَارُ هِدَايَةٍ
هِيَ دَارُ تَمْثِيلٍ وَلِعْبِ

كَمْ أَخْرَجَتْ حَكَماً
مِنَ اللَّهْوِ الْبَرِيءِ المُسْتَحَبِّ

نَزَلَتْ عَبَاقِرَةُ النُّهَى
مِنْهَا عَلَى سِعَةٍ وَرَحْبِ

وَلَقَوْا الإِثَابَةَ مِنْ وَفَاءِ حُ
كُومَةٍ وَثَنَاءِ شَعْبِ

فَارُوقُ يَا زَيْنَ المُلُوكِ
الصِّيدِ فِي شَرْقٍ وَغَرْبِ

وَأَجَلَّ رَاعٍ لِلْعُلُومِ
وَلِلْفُنُونِ رَعَاكَ رَبِّي

وَأطَالَ عُمْرَكَ بَيْنَ إِجْلاَلٍ
تُحَاطُ بِهِ وَحُبِّ