مَرَّ فِي بَالِنَا فَأَحْيَانَا - خليل مطران

مَرَّ فِي بَالِنَا فَأَحْيَانَا
كيْفَ لَوْ زَارَنَا وَحَيَّانَا

رَشَأٌ وَالنِّفَارُ شِيمَتُهُ
لا لِشَيءٍ يَصُدُّ أَحْيَانَا

قَدْ سَلا عَهْدَهُ وَنَحْنُ عَلَى
عَهْدِنَا لا يُطِيقُ سُلْوَانَا

نَحْنُ أَهْلَ الهَوَى وَنُضَامُ وَلا
نَسْأَلُ العَدْلَ مَنْ تَوَلاَّنَا

آمِرَاتُ العُيُونِ تَأْمُرُنَا
وَنَوَاهِي الخُصُورِ تَنْهَانَا

يَعْذُبُ الطَّعْنُ فِي جَوَانِحِنَا
إِذْ تَكُونُ القُدُودُ مُرَّانَا

وَنُبِيحُ السُّيُوفَ أَكْبُدَنَا
إِذْ تَكُونُ الجُفُونُ أَجْفَانَا

مَا لنا غَيْرُ تِلْكَ رَائِعَةٌ
فِي زَمَانِ العَزِيزِ مَوْلانَا

فِي زَمَانٍ بِهِ غَدَتْ
رَوْضَ أَمْنٍ أَغَنَّ رَيَّانَا

أَمْرُهَا فِي يَدِ الرَّشِيدِ هُدىً
وَابْنِ عَبْدِ العَزِيزِ إِحْسَانَا

مَلِكٌ سَابِقُ المُلوكِ إذَا
كَانَتْ المَحْمَدَاتُ مَيْدَانَا

مَالِيءٌ مِنْ جَمِيلِ قُدْوَتِهِ
كُلَّ قَلْبٍ رِضىً وَإِيمَانَا

يُبْصِرُ الغَيْبَ مِنْ فَرَاسَتِهِ
وَيُعِيدُ العَصِيَّ قَدْ دَانَا

آيَةُ الحِلْمِ فِي سِياسَتِهِ
أَنْ يَرُدَّ المُسِيَّ مِعْوَانَا

كُلُّ شَأْنٍ لِلدَّهْرِ جَازَ بِهِ
زَادَهُ فِي عَلائِهِ شَانَا

يَقَعُ الخَطْبُ قَاسِياً فَإذَا
مَا تَوَلَّى مِرَاسَهُ لانَا

مَنْ كَعَبَّاسِ فِي تَفَرُّدِهِ
عَزَّ نَصْراً وَجَلَّ سُلْطَانَا

عَيَّدَتْ مِصْرُ عِيدَهُ فَجَلَتْ
صُوَراً لِلسُّعُودِ أَلوَانَا

وَتَلا الثَّغْرُ تِلْوَهَا فَعَدَا
شَأْوَهَا بَهْجَةً وَإِتْقَانَا

سَطَعَتْ فِي الدُّجَى زَوَاهِرُهُ
تَتَرَاءى فِي اليَمِّ غُرَّانَا

فَإذَا بَحْرُهُ وَشَاطِئُهُ
جِسْمُ نُورٍ أَغَارَ كِيوَانَا

أَهْلَ إِسْكَنْدَرِيَّةٍ شَرَفاً
هَكَذَا البِرُّ أَوْ فَلا كَانَا

قَدْ عَهِدْتُ الخُلُوصَ شِيمَتَكُمْ
وَكَعَهْدِي شَهِدْتُهُ الآنَا

رَاعَنِي صِدْقُهُ فَخُيِّلَ لِي
أَنَّ عَيْنَ العَزِيزِ تَرْعَانَا

كُلَّمَا مَرَّتِ السِّنُونُ بِكُمْ
زِدْتُمُونَا عَلَيْهِ بُرْهَانَا

إِنَّ شَعْباً هَذِي حَمِيَّتُهُ
لَمْ يَضِعْ حَقُّهُ وَلا هَانَا

دَامَ عَبَّاسٌ لِلْحِمَى أَسداً
وَلِعَيْنِ الزَّمَانِ إِنْسَانَا

وَلْيَدُمْ ذَلِكَ الْوَلاءُ فَكَمْ
صَانَ مُلْكاً وَسَرَّ أَوْطَانَا