كُنْتَ فِي المَوتِ والْحَيَاةِ كبِيراً - خليل مطران

كُنْتَ فِي المَوتِ والْحَيَاةِ كبِيراً
هَكَذَا المَجْدُ أَوَّلاً وَأَخِيرَا

ظَلْتَ فِي الْخَلْقِ رَاجِحَ الْخُْقِ حتَّى
نِلْتَ فِيهِمْ ذاكَ المقَامَ الْخطِيرَا

فَوْقَ هامِ الرِّجالِ هَامتُك الشماءُ
تزْهُو عُلىً وَتَزْهرُ نُورَا

عِبْرَةُ الدَّهْرِ أَنْ تَرَى بَعْد ذَاكَ الْجَاهِ
فِي حَدِّ كُلِّ حَيٍ مَصِيرَا

مَا حَسِبْنَا الزَّمانَ إِنْ طَاَل مَا طَا
لَ مُزِيلاً ذَاكَ الشَّبَابَ النَّضِيرا

إِنَّ يَوْماً فِيهِ بَكَيْنَا حَبِيباً
لَيْسَ بِدْعاً أَنْ كَانَ يَوْماً مَطِيرَا

يَا لهُ مِن عَمِيدِ قَوْمٍ تَوَلَّى
لَم يكنْ مُزدَهَى وَلا مَغْرُورَا

جَعلَ الحِلْمَ دَأُبَهُ وَتَوَخَّى السَّلمَ
مَا اسطَاعَهُ سَماحاً وَخِيرَا

وَهْوَ مَن لا تنَالُ مِنْهُ الأَعَادِي
لَو غَدَا بَعْضُهُم لِبَعْضٍ ظَهِيرَا

نَاطَ بِالعَقلِ أَمرَهُ كُلَّهُ وَالعَقلُ
خَيرٌ فِي كُلِّ حَالٍ مُشِيرَا

حزْمُهُ عَلَّمَ الضَّعِيفَ إِذا اسْتَبْصَرَ
أَنَّى بِالحَزمِ يَغْدُو قَدِيرَا

فَإِذَا مَا اسْتَقَالَهُ عَثْرَةَ الْجِدِّ
عَزيزٌ أَقَالَ جَدّاً عثُورَا

وَإِذَا أَعوَزَ الوَفِيَّ نَصِيرٌ
يَدْرَأُ الضَّيْمَ كانَ ذَاك النَّصِيرَا

بَلَغَ المُنْتَهَى مِنَ الحَظِّ فِي الدُّنْيا
ثَرَاءً وَصِحَّةً وسُرُورَا

وَحَيَاةً مدِيدَةً وَمِنَ الأَبْنَاءِ
شَمْساً مُضِيئَةً وَبُدُورَا

أَسَفِي أَن يُقَوِّضَ الرَّجُلُ البانِي
وَإِنْ ظَلَّ بَيتُهُ معْمُورَا

أَشَكَاةً مِنَ الزّمَانِ وَمنْ
يَعْهَدُهُ فِي نِهَايَةٍٍ مَشْكُورَا

أَيهَا المُنْتَحِي مِنَ الغَيْبِ دَاراً
خَلِّ دَارَ البُكَاءِ وَالقَ حُبُورا

أَعَلى الفَانِيَاتِ يُؤْسى وَقدْ
كُنتَ عَلِيماً بِهَا وَكنْتَ خَبِيرَا

إِن أَشْبَالَكَ الأَعِزَّاءَ أَيقَا
ظٌ فَنَمْ عَنْهُمُ أَمِيناً قَرِيرَا

كُلُّهُمْ عِندَ مَا تُحِبٌّ المَعَالِي
خُلُقاً نَابِهاً وَفِكْراً مُنِيرَا

يَجِدُ النُّبلَ أَن يَسُرَّ حَزِيناً
وَيَرَى الفَضْلَ أَنْ يَبَرَّ فَقِيرَا