قَلَّ فِي جَنْبِ فَضْلِكَ المَوْفُورِ - خليل مطران

قَلَّ فِي جَنْبِ فَضْلِكَ المَوْفُورِ
مَا تَرَى مِنْ تَجِلَّةٍ وَشُكُورِ

وَكَفَى مِصْرَ مِنْ أَيَادِيكَ فِيهَا
أَنَّ عَهْدَ الْفُنُونِ عَهْدُ نُشُورِ

حَبَّذَا هَذِهِ الْحَفَاوَةُ مِنْ
خِيرَةِ فِتْيَانِهَا بِخَيْرِ نَصِيرِ

طَلَعُوا كَالكَوَاكِبِ الزُّهْرِ لَمْ
يَحْجُبْ سَنَاهَا جِوَارُ أَزْهَى الْبُدُورِ

أَي مَجْدٍ فِي أُفْقِهِمْ وَسِعَتْهُ
دَارَةٌ وهْوَ مَالِيءُ المَعْمُورِ

وَدَّ أَهْلُ النُّهَى لَوِ اجْتَمَعُوا مِنْ
كُلِّ حَدْبٍ لِبَثِّ مَا فِي الصُّدُورِ

كَتَلاقِي الْحَجِيجِ فِي رَحَبَاتِ
الْبَيْتِ بيْنَ التَّهْلِيلِ وَالتَّكْبِيرِ

يُوسُفَ النُّبْلِ طَارِفاً وَتَلِيداً
شَرَفاً يَا أَمِيرُ يَا ابْنَ الأَمِيرِ

جَدُّكَ الجَدُّ لاحَ فِي أُفْقِ مِصْرٍ
فَأَدَالَ السَّنَى مِنَ الدَّيْجُورِ

هَكَذَا يَنْبُغُ الْحَفِيدُ كَبِيراً
يَتَمَشَّى فِي إِثْرِ جَدٍّ كَبِيرِ

وَأَبٌ كَانَ مَعْقِلاً يَلْجَأُ الحُرُّ
إِلَيْهِ وَمَوْئِلاً لِلفَقِيرِ

كُلُّ أَمْرٍ وُلِّيتَهُ أَنْجَحَتْهُ
هِمَمٌ صُرِّفَتْ بِعَزْمٍ الأُمُورِ

وَعَظِيمُ النَّجَاحِ يَصْدُرُ عَنْ رَأْ
سٍ حَكِيمٍ وَعَنْ فُؤادٍ غَيُورِ

لَكَ فِي نَهْضَةِ الشَّبَابِ أَيَاد
سَجَّلَتْهَا الْعَلى بِأَحْرُفِ نُورِ

وَبِسَاحَاتِ جُوِدكَ اتَّحَدَتْ غَا
يَاتُهُمْ فِي طِلابِ أَسْمَى مَصِيرِ

لَمْ تُعَلِّمْهُمُ المَسَاعِيَ إِلاَّ
وَمَدَى الْعَزْمِ لَيْسَ بِالمَحْصُورِ

تَطْرُدُ الْوَحْشَ فِي بَعِيدِ المَوَامِي
لا تُبَالِي لِقَاءَ لَيْثٍ هَصُورِ

أَيُّ عَيْشٍ فَانٍ يَطِيبُ لِذِي قَدْ
رٍ خَطِيرٍ بِغَيْرِ مَعْنىً خَطِيرِ

بِكَ رُدَّتْ إِلى الْفُنُونِ حَيَاةٌ
فارَقَتْهَا فِي مِصْرَ مُنْذُ عُصُورِ

فَأَعَادَتْ يَدَاكَ فَخْراً تَوَلَّتْ
بِبَقَايَاهُ سَالِفَاتُ الدُّهُورِ

لَكَ نَظْمٌ فِي المَكْرُمَاتِ بَدِيعٌ
شِعْرُهُ نَمَّ عَنْ أَرَقِّ الشُّعُورِ

تَتَحَلَّى فِيهِ المَعَانِيَ بِأَمْثَا
لِ عُقُودِ الْفَرِيدِ حَوْلَ النُّحُورِ

كُلَّ يَوْمٍ تَجِدُّ فِيهِ لِقَوْمٍ
آيَةٌ مِنْ صَنِيعِكَ المَبْرُورِ

فَتُرَى كُلَّما اسْتَجَارَ لَهِيفٌ
مُسْتَجِيباً لِدَعْوَةِ المُسْتَجِيرِ

وَتُرَى بَانِياً لِبَيْتٍ تَدَاعَى
أَوْ تُرَى جابِراً لِقَلْبٍ كَسِيرِ

لَسْتُ أَنْسَى يَداً عَمرْتَ بِهَا فِي الشَّا
مِ مَا قَوَّضَتْ يَدُ التَّدْمِيرِ

بَرَدَى حَوْلَهُ نُفُوسٌ حِرَارٌ
لَيْسَ تُرْوَى بِالسَّلْسَبِيلِ النَّمِيرِ

جَاءَهَا مِنْ نَدَاكَ أَشْفَى مِنَ
الْبَلْسَمِ لِلْجُرْحِ وَالنَّدَى لِلسَّعِيرِ

كَرَمٌ زَادَهُ التَّلَطُّفُ حَتَّى
لَقَلِيلُ الْعَطَاءِ فَوْق الْكَثِيرِ

عِشْ لِمِصْرٍ بَلْ كُلِّ مِصْرٍ وَلِلشَّرْ
قِ جَمِيعاً فِي غِبْطَةٍ وَحُبُورِ

مُتْبِعاً فِي الْعَلْيَاءِ كُلَّ قَدِيمٍ
بِجَدِيدٍ مِنْ فَضْلِكَ المَشْكُور