دَعَا الوَفَاءُ وَهَذَا وَقْتُ تَبْيَانِ - خليل مطران

دَعَا الوَفَاءُ وَهَذَا وَقْتُ تَبْيَانِ
فَاجْهَرْ بِمَا شِئْتَ مِنْ فَضْل وَإحْسَانِ

وَاذْكُرْ صُروحاً لِسَمْعَانَ مُشَيَّدَةً
لَمْ يَبْنِهَا من عُصُورٍ قَبْلَهُ بانِي

نَهَى تَوَاضُعُهُ عن أن تَشِيدَ بِهِ
فَاليَوْمُ لاَ تَكُ لِلنَّاهِي بِمِذْعَانِ

وَحَدِّثِ الشَّرْقَ وَالأَقْوَامُ مُصْغِيَةً
عَمَّا أحَدَّ لَهُ فِيهَا من الشَّانِ

ألَمْ يَكُ الشَّرْقُ مَهْدَ الفَجْرِ أجْمَعِهِ
فِي كُلِّ فَنِّ أَخْذَنَاهُ وَعِرْفَانِ

تَجَاهَلَتْ قَدْرُهُ الدُّنْيَا وَمَا جَهَلَتْ
لَكِنَّ قَدِيمٍ رَهْنُ نَسْيَانِ

تِلْكَ القِوَى لَمْ تَزَلْ فِي القَوْمِ كَامِنَةً
وإن طَوَتْهَا اللَّيَالِي مُنْذُ أزْمَانِ

هِيَ الكُنُوزُ الَّتِي لَوْ قُوِّمَتْ لأَبَتْ
نَفَاسَةً كُلِّ تَقْويمٍ بِأَثْمَانِ

ظَلَّ الجُمُودُ عَلَى أَبْوَابِهِ رَصْداً
حَتَّى تَجَلِّتْ فَفَاقَتْ كُلَّ حَسْبَانِ

أمْجِدْ بِسَمْعَانَ إذْ أَبْدَى رَوَائِعِهَا
وَرُدَّ حُجَّةَ من مَارَى بِبُرْهَانِ

فَقَدْ أمَاطَ حِجَابَ الرَّيبِ عن هِمَمٍ
إن أُطْلِقَتْ سَبَقَتْ فِي كُلِّ مَيْدَانِ

وَسَارَ فِي طَلَبِ العَلْيَاءِ سِيرَتَهُ
لاَ يَرْتَضِي بِمَقَامٍ دُونَ كِيوَانِ

فَعَزَّ فِي شَمْلِهِ وَالشَّمْلُ عَزَّ بِهِ
وَرُبَّ فَرْدٍ بِهِ بَعْثٌ لأِوْطَانِ

فَتْحٌ جَدِيدٌ لِهَذَا العَصْرِ يُقْرَأُ فِي
عُنوَانِهِِ اسْمُ سَلِيبٍ وَاسْمُ سَمْعَانِ

سَليمٌ العَلَمُ الفَرْدُ الَّذِي بَعُدَتْ
بِهِ النَّوى وَهْوَ فِي آثَارِهِ دَانِي

الحَازِمُ العَازِمُ المَرْهُوبُ جَانِبُهُ
وَالمَانِحُ الصَّافِحُ المَحْبُوثُ فِي آنِ

فِي دَوْحَةِ الصَّيْدْنَاوِيِّ الَّتِي بَسَقَتْ
إلى العَنَانِ هُمَا فِي النُّبْلِ صِنْوَانِ

صِنْوَانِ إنْ يَكُ حَالَ البَيْنُ بِيْنَهُمَا
فَقَدْ زَكَا بِمَكَانِ الأوَّلِ الثَّاني

وَفِي فُرُعِهَمَا مَن تُسْتَدَامُ بِهِ
خَيْرُ الحَيَالتَيْنِ لِلْبَاقِي وَلِلْفَاني

مِنْ كُلِّ رَيَّانِ ذِي ظِلٍّ وَذِي ثَمَرٍ
صُلْبٍ عَلَى الدَّهْرِ أن يَعْصِفْ بِحُدْثان

سَمْعَانُ دَامَتْ لَكَ النُّعْمَى وَدُمْتَ لَهَا
فَأَنْتَ أوْلَى بِهَا من كُلِّ إنْسَانِ

خَمْسُونَ عَاماً تَقَضَّتْ فِي مُجَاهَدَةٍ
شَرِيفَةٍ بَيْنَ تَأثِيلٍ وَبُنْيَانِ

لَقَيْتَ مُنْفَرِداً فِيهَا العَنَاءَ وَمَا
نَسَيْتَ فِي الغَنْمِ حَظَّ البَائِسِ العَانِي

سَلْسَلْتَهَا فِي كِتَابٍ كُلُّهُ غُرَرٌ
مِنَ المَحَامِد لَمْ تُوصَمْ بِأَدْرَانِ

إلَيْكَ بِاسْمِ مِئَاتٍ أنْتَ كَافِلُهُمْ
مِنْ حاسِبينَ وَكُتَّابٍ وَأَعْوَانِ

وَبِاسْمِ آلافِ أَطْفَالٍ تُقَوِّمُهُمْ
عَلَى مَبَادئِ تَهْذِيبٍ وَإيْمانِ

وَبِاسْمِ شَتَّى جَمَاعَاتٍ تُؤَازِرُهَا
عَلَى تَبَايُنِ أجْنَاسٍ وَأدْيَانِ

أُهْدِي التَّهَانِي فِي شِعْرٍ نَظَمْتُ بِهِ
أَغْلَى القَلاَئِدِ مِنْ دُرٍّ وَعِقْبَانِ

شَفَّافَةٍ بِسَنَاهَا عَنْ سَرَائِرِهِمْ
وَمَا أكَنَّتْهُ مِنْ وُدِّ وَشُكْرَانِ

لاَ زَالَ بَيْنُكَ مَا مَرَّتْ بِهِ حِقَبٌ
حَلِيفَ نُجْحٍ وَإقْبَالٍ وَعُمْرَانِ

يَعْتَزُّ مِنْكَ بِتَاحٍ ثَابِتٍ أبَداً
وَمِنْ بَنِيكَ بِأعْضَادٍ وَأَرْكَانِ

لاَ فَرْقَ فِي ابْنٍ إذَا عُدُّوا وَلاَ ابْنِ أخٍ
وَهَلْ هُمْ غَيْرُ أَنْدَادٍ وَإخْوَانِ

مَهمَا يُولَّوهُ مِنْ أمرٍ فَإنَّ لَهُمْ
فِيهِ تَصَارِيفَ إبْدَاعٍ وَاتْقَانِ

هُمُ الشَّبَابُ الأُولَى تَعْتَزُّ أُمَّتُهُمْ
بِهِمْ إذَا أُمَمٌ بَاهَتْ بِفُتيَانِ