هَلْ فِي الرِّثَاءِ لِقَائِلِيهِ جَدِيدُ - خليل مطران

هَلْ فِي الرِّثَاءِ لِقَائِلِيهِ جَدِيدُ
وَالْمَوْتُ يُلْقِي الدَّرْسَ ثُمَّ يُعِيدُ

لاَ يَنْقَضِي تَعْدِيدُ نَاءٍ نَابِهٍ
حَتَّى يَكُونُ لِغَيْرِهِ تَعْدِيدُ

يَعْيِي بَيَانِي دُونَ مَا أَنَا وَاجِدٌ
أَيْنَ الْبَيَانُ وَجَهْدُهُ الْمَحْدُودُ

عَطَفَ الحَمَامُ بِيُوسُفَ وَبِصُنْوِهِ
فَتَلاَ فَقَيداً لِلْنُّبُوغِ فَقِيدُ

لَمْ يَنْجُ مِنْهُ مُعْصِمٌ في مَعْقِلٍ
تَحْمِيهِ رَايَةُ أُمَّةٍ وَجُنُودُ

كَلاَّ وَلِمْ يَنْجُ النَّطَاسِيُّ الَّذِي
هُوَ فِي نَوَادِرَ مِصْرِهِ مَعْدُودُ

حَمَّ الْقَضَاءُ فَلاَ مُرَدَّ لَهُ وَهَلْ
طُبٌّ إِذَا حَمَّ الْقَضَاءُ يَفِيدُ

خَطْبَانِ رَاعَ الشَّرْقَ وَقْعُهُمَا فَفِي
أَرْجَائِهِ لِصَدَاهُمَا تَرْدِيدُ

يَا مُكْرِمِينَ اليَوْمَ ذِكْرَى يُوسُفَ
جَمَعَ الذَّوَائِبَ يَوْمُهُ الْمَشْهُودُ

لَمْ يَنْسَ نَادِيَكُمُ مَآثِرَهُ وَهَلْ
يُنْسَى وَلِيٌّ مِثْلُهُ وَعَمِيدُ

أَجْلِلْ بِهَذَا الْحَفْلِ مِصْرُ تُقِيمُهُ
ثَكْلى وَللأَمصَارِ فِيهِ وُفُودُ

مَاذَا يَقُولُ مُؤَبِنُوهُ وَمَا تَفِي
خُطْبٌ بِبَثِّ شُجُوِنهِمْ وَقَصِيدُ

يَبْكُونَ أَيَّ فَتىً بَلَوْا أَخْلاَقَهُ
حَتَّى الْمَمَاتِ وَكُلِّهِنَّ حَمِيد

لُطْفٌ وَحُسْنُ تَصَرُّفٍ وَلَبَاقَةٍ
وَطَلاَقَةٌ تَحْيي النُّفُوسَ وَجْوْدُ

رَجُلٌ تَخَيَّرَ فِي الْحَيَاةِ سَبِيلَهُ
فَأرَادَ مَا الْعَلْيَاءُ مِنْهُ تُرِيدُ

بِالعِلْمِ لاَ يَسْمُو إِلَيْهِ مُنَافِسٌ
وَالحِلْمِ لاَ يَرْقَى إِلَيْهِ نَدِيدُ

وَبِمَا يَجِيدُ بَيَانَهُ لَمْ يَشْؤهُ
فِي حَلْبَةِ الأدَبِ الرَّفِيعِ مُجِيد

أَمَّا المُروءَةُ وَالوَفَاءُ فَإِنَّهُ
بِهِمَا لَمُنْقَطِعُ النَّظِيرِ فَرِيدُ

أَدْنَى مِنَ الْمَلِكِ الْعَظِيمِ مَكَانَهُ
صِدْقٌ وَرَأْيٌ فِي الأُمُورِ سَدِيدُ

وَأَصَابَ مِنْ نُعْمَى فُؤَادٍ قَبْلَهُ
مَا لَمْ يُصِبْ إِلاَّ الكُفَاةُ الصِّيدُ

لَمْ يَثْنِهِ عَنْ وَاجِبٍ بَرْحٌ بِهِ
وَزَمَانُهُ قَاسٍ عَلَيْهِ شَدِيدُ

أَرضَى الْبِلاَدَ وَعَاهلَيْهِ وَرَبَّهُ
فَلَهُ الثَّوَبُ وَلاَسْمِهِ التَّخلِيدُ

يَا ثَالِثَ الأخَوَيْنِ كَمْ مُتَخَلِّفٍ
فِيهِ كِفَاءُ الْمَجْدِ وَهْوَ وَحِيدُ

أَنْتَ الْعَزَاءُ وَجلَّ مَا تُرجى لهُ
فِي نَفْعِ قَوْمِكَ وَالْبَقَاءُ مَدِيدُ

لَكَ فِي الصَّحَافَةِ مُبْدِعاً وَمُجدِّداً
أَثَرٌ جَلِيلٌ فِي مَدَاهُ بَعِيدُ

فَاسْلَمْ وَتَابِعْ فِي رُقِيِّ شُؤُونِهَا
هِمَماً تُعِزُّ مَقَامَهَا وَتَزِيدُ