منْ لِعَانٍ هوَاكِ يصْرَعُهُ - خليل مطران

منْ لِعَانٍ هوَاكِ يصْرَعُهُ
حِينَ يَغْشاهُ مِنْكِ مَا يَغْشى

رابِطِ الجَأْشِ فِي الْخطُوبِ فإِنْ
تَعْرِضيِ ليْسَ رَابِطاً جَأْشا

يَا مَهَاةً فِي الْعَيْنِ أَنْشَأَها
بَهْجَةً لِلْعُيُونِ مَنْ أَنْشَا

إِنَّ بِي لوْعةً مبَرِّحَةً
سِرُّهَا ما حَيِيْتُ لنْ يُفْشى

غَيْرَ دَمْعٍ إِذا جَرى فَنَحَا
نحْوَ قلْبِي حَسِسْتُهُ نَشَّا

قُبْلةٌ مِنْكِ مُنْتهى أَمَلِي
لا ومنْ كُلّ عَابِدٍ يَخْشى

مِئَةٌ بَلْ قَلِيلَةٌ مِئَةٌ
كرِهَ اللّهُ قائِلاً غِشَّا

أَلفُ أَلْفٍ وَلَسْتُ أَحْسَبُهَا
آخِرَ الدَّهْرِ تُبْرِدُ الأَحْشَا

إِنْ يَقولُوا فُحشٌ فَلَسْت أَرَى
أَنَّ فِي صَادِقِ الْهَوَى فحْشا

لَمْ أَنمْ لَيْلتِي ولَمْ أَرَ لِي
راحَةً أَوْ أُفَارِقَ الْفَرْشَا

فَالْتَمَسْتُ الْخَلاَءَ أَخْبِطُ فِي
سُحْرةٍ عَادَ طَيْرُهَا أَعْشَى

إِذْ أَرَّقَ الدُّجَى عُبُوسَتَهُ
وإِذِ الفجرُ هَمَّ أَوْ بَشَّا

أَبْتَغِي وَحْشَةَ الأَنِيسِ وَمَا
أُنْكِرُ الْقَفْرَ آنَسَ الْوَحْشَا

مُمْعِناً فِي الْفَرَارِ مِنْ أَلَمٍ
مُسْتَبِيحٍ جَوَانِحِي نَهْشا

فَإِذا روْضةٌ تَكَشَّفُ لِي
عَنْ مُحيّاً إِلَيَّ قَد هَشَّا

هبَّ غِرِّيدُهَا يَجُولُ بِهَا
دَائِبَ السَّعْي بَانِياً عُشَّا

مِنْهُ فِي الأَيكِ نَاظِمٌ لَبِقٌ
كرَّ شدْواً وَسَاجِعٌ أَنْشَا

سَرْحُهَا قدْ زَكَا وَسُنْدُسُهَا
أَبْدَعَ الْوَشْيَ فِيه منْ وَشَّى

بَرَعَتْ تحْلِيَاتُهَا صُوَراً
وَزَهَتْ تَحْشِيَاتُهَا نَقْشَا

رَوْضَةٌ زُرْتهَا وَفِيَّ جَوىً
كاللَّظَى فِي الْهَشِيمِ أَوْ أَمْشَى

خِلْتُ فِيهَا لِيَ الشفَاءَ فمَا
عُدْتُ إِلاَّ وَالدَّاءُ بِي أَفْشى

كَيفَ حَالِي وَفِي دَمِي لهَب
إِذْ أَرَى نَبْتَهَا وَقَدْ رُشَّا

فَبِعَيْنِي حَديقَةٌ روِيَتْ
وَبِقَلْبِي حشاشَةٌ عَطْشى