عَلَيْكِ سَلامُ اللّه يَا مَرْيمَ الطُّهْرِ - خليل مطران

عَلَيْكِ سَلامُ اللّه يَا مَرْيمَ الطُّهْرِ
وَفُدِّيتِ مِنْ أُمٍّ وَفُدِّيتِ مِنْ بِكْرِ

حَبِلْتِ بِلا وِزْرٍ وَأَنْجَبْتِ لِلْفِدَى
مُخَلِّصَ هَذَا الْخَلْقِ مِنْ رِبْقَةِ الوِزْرِ

وَجِئْتِ بِهِ مصْراً فِرَاراً مِنَ الأَذَى
فَمَا زَالَ أَمْنَ اللاَّجِئِيْنَ حِمَى مِصْرِ

لَهُ المَجْدُ مِنْ طِفْلٍ سَمَاوِيٍّ طَلعَةٍ
تَزِينُ مُحَيَّاهُ ذَوَائِبُ مِنْ تِبْرِ

حَوَى الشَّمْسَ أَوْ أَزْهَى مِنَ الشَّمْسِ ذِهْنُهُ
فَفِي وَجْهِهِ أَنَّى يَكُنْ آيَةُ الْفَجرِ

تَنَزَّلَ مِنْ أَوْجِ الْعُلى مُتَأَنِّساً
لِيفْتَكَّ أَسْرَى المُوبِقَاتِ مِنَ الأَسْرِ

شرَاهُمْ بِآلامٍ تَحَمَّلَ ضيْمَهَا
وَمَا السَّيِّدُ المَعْبودُ إِلاَّ الَّذي يَشْرِي

وَأَوْحَى إِلَيهِمْ مِنْ أَفانِينِ بِرِّه
أَفانِينَ ما فِي الْعَالَمِينَ مِنَ الْبِرِّ

أَظَلَّتْهُ فِي ذاك الزَّمَانِ شُجَيْرَةٌ
هِيَ الآن أَضْحَتْ جدَّةَ الشَّجَرِ النَّضْرِ

حَجَجْنا إِليْهَا ذاكِرِينَ كرامَةً
لهَا سوْفَ تبْقى وَهْي خَالِدَة الذِّكرِ

نُقبِّلُ مِنْ أَفْيَائِها بِقُلُوِبنَا
مَوَاقِعَ أَقْدَامِ البَتُولِ على الإِثْرِ

وَنلْثَمُ أَرْضاً فَاخَرَ التِّبْرَ تُرْبُهَا
وَنافَسَ أَدْنَى مَرْوِهَا غَالِيَ الدُّرِّ

تَهَادَى بِهَا الْهَادِي صَبِياً فَمَا وَنَتْ
تُرَفْرِفُ حَوْلَيْهِ الْعِنَايَاتُ إِذْ يَجْرِي

وأَلْوَى علَيْهِ يُوسُفٌ خَيْرُ مُجْتَبىً
مِنَ اللّه لِلأَمْرِ الَّذي جَلَّ مِنْ أَمْرِ

فَتىً كَان نجَّاراً وَدَاوُدُ جَدُّهُ
فَشرَّفهُ نُبْلُ السَّجِيَّة وَالنجْرِ

أَلا يَا حجِيجاً مُخْلِصِينَ تَقاطَرُوا
وَمنْ هُمْ مِنَ الأَخْيَارِ هُمْ نُخْبَةُ الْقُطْرِ

فَمِنْ ذَاتِ حُسْنٍ رَدَّ فِتْنَتَهُ التُّقَى
وَمِنْ مَاجِدٍ حُرٍّ ومِنْ سَيِّد حَبْرِ

هُنَا مجِّدُوا الْعَذْرَاءَ وَاسْتَشْفِعُوَا بِها
وأَدُّوا إِليْهَا ما عَليْكُمْ مِنَ الشُّكْرِ

تَنَالُوا مَزِيداً فِي بَنِيكُمْ وَمَالِكْم
وَتُجْزَوْا جَزَاءَ الْخَيرِ فِي مَوْقِفِ الْحَشْرِ

فمَا نَسِيَتْ يَوْماً وَمَا نَسِيَ ابْنَهَا
ثَوابَ تَقِيٍّ صَالِحٍ آخِرَ الدَّهْرِ