عَصَفَ الحِمَامُ بِأَيِّ فَرْعٍ سَامِقِ - خليل مطران

عَصَفَ الحِمَامُ بِأَيِّ فَرْعٍ سَامِقِ
مِنْ ذَلِكَ الأَصْلِ الزَّكِيِّ البَاسِقِ

رَاوٍ رَطِيبِ الظَّلِّ مَوْفُورِ الجَنى
ذَاكِي النَّوَاحِي بِالأَرِيجِ العَابِقِ

خَطْبُ الكِنَانَةِ في الإِمَامِ المُجْتََبى
خَطْبٌ أَصَابَ صَمِيمَهَا مِنْ حَالِقِ

أَرَأَيْتَ فِي اليَوْمِ العَبُوسِ وُجُومَهَا
مِنْ ذَلِكَ النَّبَإ الأَلِيمِ الصَّاعِقِ

يَا يَوْمَ طِيَّتِهِ أَدَلْتَ دُجُنَّةً
نَكْرَاءَ مِنْ أَنْوَارِ أَوْهَرَ شَارِقِ

أَنْوَارِ مَيْمُونِ النَّقِيبَةِ مَاجِدٍ
ثَبْتِ الحَصَاةِ مِنَ الطِّرَازِ الفَائِقِ

عَرَفَتْ لَهُ أَوْطَانُهُ إِخْلاَصَهُ
وَرَعَاهُ فَارُوقٌ رِعَايَةَ وَاثِقِ

أَلفَيْلَسُوفُ العَالِمُ الوَرِعُ الَّذِي
بَلَغَ اليَقِينَ مُدَعَّماً بِحَقَائِقِ

لَمْ تُرْضِهِ الدَّنْيَا بِمَا بِذَلَتْ لَهُ
مِنْ مُغْرِيَاتٍ مَنَاصِبِ وَمَرَافِقِ

فَسَمَا إِلَى مُتَبَوَّإٍ فِي دِينِهِ
أَدْنَى إِلَى اسْتِجْلاَءِ وَجْهِ الخَالِقِ

وَالدَّينُ وَالدُّنْيَا مَجَالُ كِفَايَةٍ
لِلعَبْقَرِيَّ المُسْتَقِيمِ الصَّادِقِ

هَلْ مِنْ بَيَانٍ فِي تَرَسُّلِ كَاتِبٍ
كَبَيَانِهِ العَذْبِ النَّقِيِّ الرَّائِقِ

هَلْ مِنْ مَتَاعٍ للعُقُولِ كَمَتْنِهِ
وَشُرُوحِهِ فِي كُلِّ بِحْثٍ شَائِقِ

مَاذَا دَهَى فِيهِ المُحبِّينَ الأُولَى
رُزِئُوهُ بَيْنَ مَغَارِبٍ وَمَشَارِقِ

سُبْحَانَ مُعْطِيهِ صَبَاحَةَ خَلْقِه
وَمُتِمُّهَا بِشَمَائِلٍ وَخَلاَئِقِ

نِعْمَ الوَفيُّ لأَهْلِهِ وَلصَحْبهِ
وَالمُسْتجِيبُ لِكُلِّ دَعْوَةِ طَارِقِ

سَمْحٌ قَلِيلُ القَوْلِ إِنْ تَسْأَلْ بِهِ
تَسْمَعْ إِجَابَاتِ الفَعَالِ النَّاطِقِ

جَلْدٌ عَلَى الأَحْدَاثِ يَصْحَبُ هِمَّةً
لَيْسَتْ تُعَاقُ عَنِ المَرَامِ بِعَائِقِ

فَإِذَا تَفَاقَمَتِ المَعَاضِلُ لَمْ يَضِقْ
ذَرْعاً بِهَا فِي المَوْقِفِ المُتضَايِقِ

مُسْتَدْرِكاً مَا يُمْكِنُ اسْتِدْرَاكُهُ
وَلَهُ إِلَى الحُسْنَىِ لِطَافُ طَرَائِق

فِي ذِمَّةِ اللهِ العَلِي مُفَارِقٌ
هُوَ خَالِدّ بِالذّكْرِ غَيْرُ مُفَارِقِ

تَبْكِيهِ أُمَّتُهُ وَإِنَّ فَقِيدَكُمْ
لَفَقِيدُهَا يَا آلَ عَبْدِ الرَّازِقِ

قَدْ كَانَ وَاسِطَةً تَأَلَّقَ بَيْنَكُمْ
فِي أَي عِقْدٍ فَاخِرٍ مُتَنَاسقِ

فَإِذَا هَوَتْ فَهِيَ الفِدَى لِبَقِيَّةٍ
شَتَّى الحِلَى مِنْ مَصْدَرٍ مُتَوَافِقِ

كَمْ مِنْ عَليٍّ بِالحَصَافَةِ وَالنَّدَى
إِنْ عُدَّ فِي شَوْطَيْهِمَا اسْمُ السَّابِقِ

كَمْ حَازِمٍ فَطِنٍ كَإِسْمَاعِيلَ فِي
مِضْمَارِهِ يَشْأُو وَمَا مِنْ لاَحِقِ

ذُخْرَانِ نَرْجُو اللهَ أَنْ يَرْعَاهُمَا
فَهُمَا العَزَاءُ لِكُل قَلْبٍ وَامِقِ