أَشْرِقْ وَحَوْلكَ وُلْدُكَ الأَبْرَارُ - خليل مطران

أَشْرِقْ وَحَوْلكَ وُلْدُكَ الأَبْرَارُ
كالشمْسِ تَزْهُو حَوْلَهَا الأَنْوَارُ

أَنْتَ الْفَرِيدَةُ فِي بَدِيعِ نِظَامِهِمْ
وَهُمُ الْقِلاَدَةُ دُرُّهَا مُخْتارُ

يَا حُسْنَ حَفْلَتِهِمْ وَيَا عَجَباً لِمَا
كَانُوا وَمَا بَعْدَ الطُّفُولَةِ صَارُوا

حَالاَن لِلأَقْدَارِ سِرٌّ فيهِمَا
تَمْضِي وَلاَ تَتَضَارَعُ الأَقْدَار

أَأُولئِكَ المُرْدُ الأُولَى جَابُوا الصِّبَا
وَالخَطْوُ وَثْبٌ وَالرُّقَادُ غِرَار

هُمْ هَؤُلاَءِ الشِّيبُ يُلْقُونَ الْعَصَا
وَعَلَى الرُّؤُوسِ مِنَ الْمَسِيرِ غُبَارُ

هَيْهَاتَ يَصْفُو الْعُمْرُ مِثْلَ صَفَائِهِ
أَيَّامَ نَحْنُ الْفِتْيَةُ الأَغْرَارُ

للهِ أَيَّامُ الصِّبَا وَسُعُودُهَا
وَضُرُوبُ فِتْنَتِهَا وَهُنَّ كِثَارُ

مَا أَسْمَجَ الدُّنْيَا وَفِينا كبْرَةٌ
مَا أَبْهَجَ الدُّنْيَا وَنَحْنُ صِغَارُ

بِالأَمْسِ نَنْمُو وَالغُصُونُ نَضِيرَةٌ
وَالْعَيْشُ تَسْتُرُ شَوْكَهُ الأَزْهَارُ

وَالْيَومَ تَسْتَحْيِي الرِّيَاضُ لِعُرْيِهَا
وَتَلُوحُ لاَ وَرَقٌ وَلاَ أَثْمَارُ

مَا نَنْسَ لَنْ نَنْسَاهُ عَهْداً طَيِّبَاً
وَلَّى فَظلَّ يُعِيدُهُ التَّذْكَارُ

فِي ظِلِّ سَيِّدِنَا انْقَضَى لَكِنْ لَهُ
مَهْما يَغِبْ فِي الأَنْفُسِ اسْتِحْضَارُ

فِيهِ طَلبْنا الْعِلْمَ تَحْتَ لِوَائِهِ
وَلِوَاؤُهُ ظِلٌّ لَنَا وَمَنَارُ

أَيْ إِخْوَتِي هَذَا مُرَبِّينا الّذي
لِهُدَاهُ فِي أَعْيَانِنا آثَارُ

حَبْرٌ تَحَقَّقَ فِي عُلاَهُ رَجَاؤُنُا
لَمَا غدَا تَعْنُو لَهُ الأَحْبَارُ

وَافَى إِلى مِصْرٍ فَكَانَتْ رِحْلَةٌ
قَرَّتْ بِهَا مِنْ شَعْبِهِ الأَبْصَارُ

قَدْ أَكْبَرَتْ ذَاكَ الْقُدومَ فَأَبْدَعَتْ
زِيناتِهَا وَلِمِثْلِهِ الإِكبَارُ

كَادَتْ تَخِفُّ الْبَيْعَة الْكُبْرَى لَهُ
لوَ لَمْ يُثَبِّتْهَا الْغَدَاةَ وَقَارْ

أَبْدَتْ أَفَانِينَ الْمَحَاسِنِ دَارُهُ
وَأَجَلَّ حُسْناً مَا تُكِنُّ الدَّارُ

وَلَرُبَّمَا مُنِحَ الْجَمَادُ كَرَامَةً
فَأَجَلَّ قَدْرَ الزَّائِرِيَنَ مَزَارُ

دِيمِتْرِيُوسُ الْعَالِمُ الْعَلَمُ الَّذِي
تُصْبِي النُّهَى أَخْلاَقُهُ الأَطْهَارُ

نِعْمَ الْهُمَامُ الثَّبْتُ إِنْ مَرَّتْ بِهِ
أُزَمٌ وَنِعْمَ الْحَازِمُ الصَّبَّارُ

أَلمُرْتَجِي عَفْوَ الكَرِيم المُتَّقِي
غَضَبَ الْحَلِيمِ وَالمُحْسِنُ الْغَفَّارُ

أَلمُقْتفِي بِالسيْرِ أَعْدَلَ مَنْهَجٍ
نَهَجَتْهُ أَسْلاَف لَهُ أَخْبَارُ

أَنْظَرتُمُوهُ حِيْنَ يَدْعُو رَبهُ
والشَّمْسُ تَاجٌ وَالنُّجُومُ دِثَارُ

يَجْلُو سَنَى القُدْسِ المُحَجَّبِ جَهْرَة
وَعَلَى يَدَيْهِ تَكْمُلُ الأَسْرَارُ

وَكَأَنَّ لأَلاَءِ المَسِيحِ بِوَجْهِهِ
إِذْ تَنْجَلي عَنْ وَجْهِهِ الأَسْتَارُ

يَا أَيُّهَا الإِخْوَانُ مِنْ أَبْكَارِنَا
سِنَّاً وَفِيمَ الرَّوْغُ وَالإِنْكَارُ

بَلْ أَيُّهَا الإِخْوَانُ مِنْ أَبْكَارِنَا
عِلْماً وَنِعْمَ الإِخْوَةُ الأَبْكَارُ

مِنْ كُل ذِي نُبلٍ وَذِي فَضْلٍ وَذِي
أَدَبٍ بِهِ تَتَنَادَمُ السُّمَّارُ

أَلْبِشْرُ شَامِلُكُمْ فَإِنْ لَمْ يُوفِهِ
وَصْفِي فَقَدْ يُعيي بِهِ بَشَّارُ

رَعْياً لِمَجْهُودِي وَفِي شَرْعِ الْهَوَى
يُرْعَى القُصُورُ وَيُكْرَهُ الإِقْصَارُ

سَمْعَانُ يَسْمَعُ كُل مَدْحٍ إِنْ يُقَلْ
فِي غَيْرِهِ وَلَهُ بِهِ اسْتِبْشَارُ

وَالْيَوْمَ أَجْرَأُ أَنْ أُخَالِفَ طَبْعَهُ
وَجَمِيعُكُمْ فِي ذَاكَ لِي أَنْصَارُ

يَا رَابِحَ الْوَزْناتِ أَبْشِرْ هَكَذَا
أَجْرُ الزَّكاةِ وَهَكَذَا الإِتْجَارُ

لَيْسَ الْمُحَدِّثُ عَنْ نَدَاك بِمُفْتَرٍ
وَمُصَدِّقاهُ الْخُبْرُ وَالأَخْبَارُ

عِشْ يَا هُمَامُ وَسُدْ فَمِثْلُك إِنْ يَسُدْ
فِيهِ لاِمَّتِهِ غِنىً وَفخارُ

عَوْدٌ إِلى الضَّيفِ الْجَلِيلِ فإِنْ أَكنْ
دَاوَلْتُ فِي مَدْحِي فلِي أَعْذارُ

قَدْ يُسْتحَبُّ الْعِقْدُ وَهْوَ مُفَصَّلٌ
وَيَرُوعُ حِيْنَ يُنوَّعُ النُّوَّارُ

يَا أَيُّهَا المَوْلَى الْكَبِيرُ بِنفْسِهِ
وَبِتابِعِيهِ وَإِنَّهُمْ لِكَبارُ

لمْ يُخْطِيءِ الدَّاعِيكَ بِالْقاضِي إِذَا
عُنِيَ الَّذِي لاَ تحْرِفُ الأَوْطَارُ

أَلْعَدْلُ عِنْدَكَ رَحْمَةٌ عُلْوِيَّةٌ
حَتَّى يَثُوبَ إِلَى التُّقى الأَشْرَارُ

فَإِذَا تقاضَتْكَ الشَّجَاعَةُ حَقَّهَا
شقِيَ الْعَتِيُّ وَحُطِّمَ الْجَبَّارُ

دُمْ رَاعِياً لِلشعْبِ يَا مُخْتارَهُ
يَسْعَدْ بِظِلك شعْبُكَ الْمخْتار